الجواب الراسخ
في تلك الدار، وربما في قادم هذه الديار إن سارت في نفس المسار من دون تمعّن في أمر هذا القرار، قصر النظر أدى إلى رؤية عالمًا واحدًا، عالم الشهادة، وتم إسقاط منطق عالم
الغيب على أفق الأول وداره مما أدى إلى خلق تناقضات وتصارعات لا وجود لها حقًا - "بحر الفوضى" الفعلي، والذي يتوجّب عدم السقوط فيه! الثقافة الغربية كانت تسير على مدى أكثر من ألفين سنة نحو إخصاء العقل الغربي، نحو جعله عبدًا ذكيًا، نحو العقم الفعلي الذي لا يهب الحياة، نحو العدمية التي ستحيط بألوان الحياة، إن تمكّنت من دار الحياة! ما كان واضحا دليله في حياة الإغريق من سوء الفهم والتفسير في مراحلها الأخيرة، تمثلّ في خاطئ قراءة رموز داينوسيس مثلا، والتباس أمر صورته وبالتالي السقوط في فخ قناعه الخادع وهو القوي الحاكم في قديم تلك الديار، وبالتالي تم رفع شأن عالم الوضوح "الكاذب" بريقه، والفاصل بين حد الصفر والواحد، أي كما فهموه، ليكون في منزلة الحاكم الفعلي وهو ليس كذلك، ومن نتائجه فصل الخيط الأبيض عن الخيط الأسود فصلا قسريًا، وطمس معالم الأفق الأعمّ والأشمل والأعمق، ونراه اليوم في صورة البحث عن "الجواب" عبر مسار أفق ضيق وفهم أضيق لمعنى العلم..! الفهم السيئ لألوان الشرق وأسرارها دفع بعلم دار اليونان، الذي تمثلت معالمه في رؤية معلّمها وراسم ألوان أفقه، والذي شرب السم شرابًا وفهمًا، إلى السير في الطريق الضيقة الأفق والقصيرة النظر تلك، وربما جلّ العالم في يوم قادم ظلامه، إن سار بثقة بلهاء خلف هذا التيه الراسخ!
زكي مبارك