ذاكرة النت
الحياة في النت..
"واقع" لا يمكن تجاهله بالنسبة لمن يسلك دروبها في نهار يومه أو ليله..
فيها من التواصل ما
قد يمهّد لتواصل حقيقي على أرض الواقع..
وفيها من الدروب الخفّية
ما تتيح "حرية" الإختيار بين خيارات الدروب المتكاثرة والمتفرعة..
وفيها
تسجيل لذاكرة قد لا تستطيع نعمة النسيان ان تدك جوانب دارها.. في هذا خصوصية هذا
اللون من الحياة.. حيث أن التجارب البشرية
تقوم على التواصل والتفاعل مع وجود خاصية النسيان.. نسيان تفاصيل المشاعر الأولية
والانطباعات المتولدة مع تطور العلاقة البشرية..
ولكن مع وجودنا في طرقات النت "الذكية"
التي تقوم بتسجيل كل حسناتنا وسيئاتنا في هذه الحياة الخاصة.. تتضاعف صعوبة تجاوز
بعض المنعطفات والزلات والمنغصات.. خصوصا عندما تكون الذاكرة وجدت لنفسها دارا خارج
رأسنا ووجدت لها لسانا ينطق ويشهد..
شهادات مسجلة على شاشة تحدق في اعيننا وهي تقف أمام
أنظارنا.. شهادات قد تكون في عهدة أيادي التكنولوجيا الساهرة على تدوين التفاصيل
من دون كلل، ومن دون أن يكون لنا حق استرداد التفاصيل.
في هذا فعل يحاكي الكيفية
التي وثّق بها القدماء حياتهم عبر الكتابة مثلا، سواء بيدهم أو بيد من وثّق حياتهم
طمعا في قليل من نعمهم أو اعجابا بسيرتهم.. أو كرها لهم!
اليوم هذا الأمر أصبح في
متناول يد من يدخل دار النت ويبدأ السير فيها بتناغم مع خطوات سيره في الدار
الواقعية.. أصبح في متناول يده بيسر ومن دون أذن مسبق منه. أما التخفي خلف الأقنعة فهو
ليس بفعل جديد على النفس البشرية.
زكي مبارك