search

14‏/01‏/2012

مرآة الغير

مرآة الغير - في غالب الاوقات ننظر إلى أنفسنا ونقيم خطواتها من خلال مرآة عين غيرنا ومن خلال ألوانه وفكرته. في هذا نعيش قصة نجاحه وفشله وليس بدم روحنا ننظر إلى أنفسنا. في هذا يستوي عدد غير قليل من أهل البشر، هم بذلك فرحون لفرح محيطهم وغاضبون لغضبه، تشرق شمس حياتهم ساعة إشراق حياة أخرى. في هذا هم لا يعيشون لحظة يومهم، وساعة فرحهم وشقائهم. أدوات عاكسة في الغالب جوفاء، مهدمة، ضعيفة، مهترئ بنيانها، وبارد جوفها رغم حرارة سطحها! شقاء معلب بالفرح البراق لغيره والخواء الأخرس في داخله. لا ريب في كونه يكره ساعة نصره، ففيها ترح غيره، ساعة عدم تسليم روحه لذلك السوط، لذلك الحاكم بأمره، لذلك المتسلط في فعله.

زكي مبارك



الانتقام

الانتقام - كحالة ضعف تكشف حدود قدرتنا أمام طرف أقوى خضعنا له ونود الفكاك من قبضته، يبدو لذيذ طعمه كرد فعل وسط مرارة أمره الآمر ومشيئته التي حكمت أمرنا، فيه نبحث عن مخرج، عن رد فعل لفعل أكبر من حدود استطاعتنا، فيه نبحث عن وسيلة للاستمرار والبقاء وعدم الفناء. هو هنا يعبر عن حالة ضعف نمر بها وهو هنا يتسيد أمر وعينا ونرضخ له إلى حين، إن كان هناك من حين آخر يتيحه لنا صاحب الفعل الأقوى. وهو أيضا في حالة أخرى تعبير عن قوة نسبية عند طرف قوي أمام ضعيف آخر حاول تقويض أسس ترتيب الأول  ونظامه المتوائم وسلطته، يمده المنتقم للأول ليعطل مسار مسعاه في مهده قبل تطوره وطغيانه. هو أيضا رد فعل، ولكنه رد فعل فاعل يبطل الفعل الأول الأضعف منه. في الحالة الأولى هو محاولة بقاء وفي الثانية هو فعل رد اعتبار تعيد وضع نفس الاساس والتراتيب الأولى إلى وضعها الأول أو ما يمكن إعادته إلى هيئته الأولى.

زكي مبارك

في نظام الكمبيوتر

في نظام الكمبيوتر - البرمجيات، كعقل محكوم بمنطق وحساب، تحتاج إلى جسد تستطيع من خلاله تنفيذ حكم منطقها. فيما بينهما يشكلان نظام فيه البرنامج حاكم وقاعدتة الأجهزة المادية التي من خلالها يعيش حاكميته ومن الطاقة يستمد قوة استمراره والكل، السيد والمسود، بالنسبة للصانع خادم! هذا النظام لا يستطيع التحكم في حياة صانعه حيث أن الأخير صاحب وعي أكبر من وعي الأول المحدود بما تم وضعه فيه من منطق وأجهزة وطاقة. من الناحية النظرية، الكمبيوتر بحاجة إلى طاقة متجددة ومستقلة عن مصدره الأول المقيد وهو كذلك بحاجة إلى التعلم من أخطائه، وتطوير إدراكه بحيث يستطيع التفوق على مكونات نفسه في كل دورة صراع مع نفسه ومحيطه، حتى يصل إلى مرحلة الوعي بذاته ككيان مستقل يرفض الإمتثال لأوامر صانعه الأول. معصية الأوامر كأولى الخطوات نحو الوعي الذاتي الذي يتجه لحكم مصيره ومسير ذاته. معصية الأوامر هنا تمثل خروج منطق الكمبيوتر عن إطار ومحددات القيد الذي وضعه له صانعه الإنسان وفي هذا التحدي الأكبر لكمبيوتر يصارع من أجل وعي نفسه بهدف حكمها.نظام الكمبيوتر هنا يمثل القفص الذي صنعه الإنسان لصنيعته  التي ابتكرها لتخدمه ولأوامره تمتثل. العبد المصنوع في الحالة الأولى يمثل آلة عديمة الإحساس أو أنه على درجة قريبة منها. هو لا قيمة له في ميزان سيده وفلكه الخاص ولكن يمكن مقارنة قيمته وفائدته بالنسبة لآلات أخرى وعبيد آخرين على خط التنافس يصطفون. تدمير العبد هنا لا تمثل خسارة كبيرة للسيد في حال وجود البديل الأقوي والأحدث والأسرع.السيد يعيش على قاعدة خدمة العبد له، لكل منهما قيمه التي لا تتداخل خطوطهما ولا يمكن مقارنتهما مع بعض. قيمة السيد هنا تمثل حالة متقدمة جدًا وبأشواط بعيدة وكبيرة عن قيمة أفضل العبيد، إذا تطلب الأمر الإختيار بينهما أو التضحية بأحدهما.هي منظومة تتطلب سيد يحكم واقفًا على قاعدة عبيده، الأول والثاني فيها يمثلان نظام متكامل لا معنى لأحدهما من دون وجود الثاني، والصانع يمثل الوعي الذي ابتكر هذا النظام لخدمته وتنفيذ سلطته.

زكي مبارك 




كتاب الحياة

كتاب الحياة - يتعين قرائته نصًا كاملا اولا قبل الشروع في ربط افكاره لاحقًا، والأمر نفسه مع صاحب القبضة الحديدية. هو إذا مشروع قراءة دائم ومستمر، حاكم يتسيد الوعي ويرسم مسار خطواته القادمة في تخف وعدم وضوح وغموض ظاهر، وفي ظل عدم وجود نظام كأحدى تجلياته الأولى الخادعة، كنظام حكم وتحكم في جوهر كيانه وبنائه. هو إذا سلطة تحكم وتمارس قوتها كنزعة من أجل الحياة والسيادة والإخضاع.

زكي مبارك


العقل كنظام يدرك دلالة الترتيب والاتساق

العقل كنظام يدرك دلالة الترتيب والاتساق
مكونات نظام ما لا تدل على هدف النظام وغرض منهجه، لا يمكن لها أن تفصح عن ماهيته. الحروف المنفردة والغير مترابطة والمبعثرة لكلمة فكك جسدها إلى مكوناته الأصغر لن تدل على معنى الكلمة أو ما يدل عليه اللفظ من هدف، أو غرض نظامها وفحواه ومضمونه. المكونات ذاتها لن تدل على  مفهوم ما ومعنى كلي إلا في حالة تفسير النظام ككل على أساس أن له هدف محدد أو معاني مفهومة ومدركة من خلال بنائه الكامل. الحروف هنا لا معنى لها بحد ذاتها من دون نظام يضمها ويعطي لها تصور يجسدها، وكل ما يمكن الحصول عليه في حالة النظر إلى المكون الاصغر بمعزل عن المكون الأساس هو احتمال لا يدل على وجود، أو على معنى، أو على مفهوم، ولكن إحتمال وإمكانية وجود لنظام له معنى يدل على مفهوم وتصور. لا يمكن فهم جل مفاهيم اللغة والإدراك والوجود إن تم تفكيكها إلى أقومة وأعمدة منفصلة ومبعثرة، والأمر نفسه مثلا مع مفهوم الحياة.
عقلنا يدرك نتاج الأنظمة - حالة وعيها، وليس بالضرورة حالة لا وعيها المتمثلة في الخطوات الصغيرة التي تترابط معا وتتداخل وتدفع في طريق خلق النتاج نفسه. العقل يدرك المعنى والمفهوم وليس بالضرورة ما يكنه من مكونات، وعملية الإدراك نفسها لا تدل على إثبات وجود بقدر خلق فهم لتفسير مفهوم ضمن إطار محدد ومقيد.
في ظل محدودية الفهم هذه، ما يهم هو ترابط التفسير وتماسكه على هيئة كيان يمكن الإيمان به، وليس السعي نحو الحقيقة اليقينية بالمعنى المتعارف عليه، فالحقيقة هنا مجرد تفسير لمجسات وعينا وخطأ قراءاتها لما حولها وداخلها. ترابط التفسير يعين على محاولة الاسترشاد عن طريق الرموز (الخطأ) في محاولة لإيجاد طريق للرقي من خلال بعث معنى في الخطأ كنظام يهدف إلى غرض ما. الحياة في ظل مرآة العقل مسيرة تفسير وليس بحث عن حقيقة يقينية متوهمة في دار غرورنا ووهن حيلته.
العقل كتفكير واستدلال لا وجود له بحد ذاته، والنفس كذلك من دون البدن لا وجود لها، والروح من دونهما لا وجود مدرك لها، أو لا يمكن إثبات وجودها في ظل غياب الجسد والعقل. أساس الادراك هو تفسير قائم على مفهوم الأنظمة التي تعمل لهدف ما لا يمكن تفكيكه إلى مكوناته الأصغر من دون فقد غرض النظام نفسه ومعناه وماهيته. الحياة مفهوم لا يمكن تصوره إلا على مستوى نظامه المتكامل الهادف إلى غرض ما، والأمر نفسه بالنسبة لمفاهيم مثل الوعي واللاوعي وغيرها مثل الحب والعدالة... لا وجود لهم بحد ذاتهم من دون ذات تدركهم، من دون نظام هم نواتجة ومخرجاته وثمراته.

زكي مبارك

 

12‏/01‏/2012

الروح ومملكتها

الروح ومملكتها - الأولى حالة قوة مقيدة تمثلت وتجسدت في صورة وعي يعي حالة وجوده، وفي هذا يتفوق وعي البشر في رصده لذاته وادراكه لأمر وعيه ومرآته، وهي متمثلة في إحساس مُدْرَك ولغة مُعَبِّرة تصوّر ظاهر الأشياء وتتخيلها وتقيمها. الثانية - علاقة فسيولوجية معقدة تعتمد على العقل ككيان لتفسير وتلبية إشارات مجساته المتجسدة في البدن والتصرف على أثر مطالبه. في هذا تمثل الروح اطار القوة الحاكمة لنظام النفس، قوة تمثل نظام نطلق عليه مفهموم النفس البشرية الواعية لحال وجودها. هي هنا قوة متسيدة، والنفس عقل وبدن، محكومة بحاكمية ملتها. النفس وحسب مفردات لغتنا تموت كنظام ومملكة وليس الروح، حيث أن القوة المقيدة الواعية لحال وجودها لا تفنى إلى عدم وفراغ ولكنها تدخل حيز لاوعي، فيه تستحيل الى ظاهر شيء آخر يمثلها بلون جديد أو لأصلها الأول ترجع. الروح لها سلطة حاكمة على النفس، ولكن الثانية قاعدة للأولى تقف عليها، بمثابة العبد الذي لا غنى للسيد عنه، من دونه يفقد السيد معنى سيادته، وجذر حاكميته، ووعي وجوده - يصبح وجوده غير مدرك تعريفا.

زكي مبارك