search

14‏/01‏/2012

في نظام الكمبيوتر

في نظام الكمبيوتر - البرمجيات، كعقل محكوم بمنطق وحساب، تحتاج إلى جسد تستطيع من خلاله تنفيذ حكم منطقها. فيما بينهما يشكلان نظام فيه البرنامج حاكم وقاعدتة الأجهزة المادية التي من خلالها يعيش حاكميته ومن الطاقة يستمد قوة استمراره والكل، السيد والمسود، بالنسبة للصانع خادم! هذا النظام لا يستطيع التحكم في حياة صانعه حيث أن الأخير صاحب وعي أكبر من وعي الأول المحدود بما تم وضعه فيه من منطق وأجهزة وطاقة. من الناحية النظرية، الكمبيوتر بحاجة إلى طاقة متجددة ومستقلة عن مصدره الأول المقيد وهو كذلك بحاجة إلى التعلم من أخطائه، وتطوير إدراكه بحيث يستطيع التفوق على مكونات نفسه في كل دورة صراع مع نفسه ومحيطه، حتى يصل إلى مرحلة الوعي بذاته ككيان مستقل يرفض الإمتثال لأوامر صانعه الأول. معصية الأوامر كأولى الخطوات نحو الوعي الذاتي الذي يتجه لحكم مصيره ومسير ذاته. معصية الأوامر هنا تمثل خروج منطق الكمبيوتر عن إطار ومحددات القيد الذي وضعه له صانعه الإنسان وفي هذا التحدي الأكبر لكمبيوتر يصارع من أجل وعي نفسه بهدف حكمها.نظام الكمبيوتر هنا يمثل القفص الذي صنعه الإنسان لصنيعته  التي ابتكرها لتخدمه ولأوامره تمتثل. العبد المصنوع في الحالة الأولى يمثل آلة عديمة الإحساس أو أنه على درجة قريبة منها. هو لا قيمة له في ميزان سيده وفلكه الخاص ولكن يمكن مقارنة قيمته وفائدته بالنسبة لآلات أخرى وعبيد آخرين على خط التنافس يصطفون. تدمير العبد هنا لا تمثل خسارة كبيرة للسيد في حال وجود البديل الأقوي والأحدث والأسرع.السيد يعيش على قاعدة خدمة العبد له، لكل منهما قيمه التي لا تتداخل خطوطهما ولا يمكن مقارنتهما مع بعض. قيمة السيد هنا تمثل حالة متقدمة جدًا وبأشواط بعيدة وكبيرة عن قيمة أفضل العبيد، إذا تطلب الأمر الإختيار بينهما أو التضحية بأحدهما.هي منظومة تتطلب سيد يحكم واقفًا على قاعدة عبيده، الأول والثاني فيها يمثلان نظام متكامل لا معنى لأحدهما من دون وجود الثاني، والصانع يمثل الوعي الذي ابتكر هذا النظام لخدمته وتنفيذ سلطته.

زكي مبارك 




كتاب الحياة

كتاب الحياة - يتعين قرائته نصًا كاملا اولا قبل الشروع في ربط افكاره لاحقًا، والأمر نفسه مع صاحب القبضة الحديدية. هو إذا مشروع قراءة دائم ومستمر، حاكم يتسيد الوعي ويرسم مسار خطواته القادمة في تخف وعدم وضوح وغموض ظاهر، وفي ظل عدم وجود نظام كأحدى تجلياته الأولى الخادعة، كنظام حكم وتحكم في جوهر كيانه وبنائه. هو إذا سلطة تحكم وتمارس قوتها كنزعة من أجل الحياة والسيادة والإخضاع.

زكي مبارك


العقل كنظام يدرك دلالة الترتيب والاتساق

العقل كنظام يدرك دلالة الترتيب والاتساق
مكونات نظام ما لا تدل على هدف النظام وغرض منهجه، لا يمكن لها أن تفصح عن ماهيته. الحروف المنفردة والغير مترابطة والمبعثرة لكلمة فكك جسدها إلى مكوناته الأصغر لن تدل على معنى الكلمة أو ما يدل عليه اللفظ من هدف، أو غرض نظامها وفحواه ومضمونه. المكونات ذاتها لن تدل على  مفهوم ما ومعنى كلي إلا في حالة تفسير النظام ككل على أساس أن له هدف محدد أو معاني مفهومة ومدركة من خلال بنائه الكامل. الحروف هنا لا معنى لها بحد ذاتها من دون نظام يضمها ويعطي لها تصور يجسدها، وكل ما يمكن الحصول عليه في حالة النظر إلى المكون الاصغر بمعزل عن المكون الأساس هو احتمال لا يدل على وجود، أو على معنى، أو على مفهوم، ولكن إحتمال وإمكانية وجود لنظام له معنى يدل على مفهوم وتصور. لا يمكن فهم جل مفاهيم اللغة والإدراك والوجود إن تم تفكيكها إلى أقومة وأعمدة منفصلة ومبعثرة، والأمر نفسه مثلا مع مفهوم الحياة.
عقلنا يدرك نتاج الأنظمة - حالة وعيها، وليس بالضرورة حالة لا وعيها المتمثلة في الخطوات الصغيرة التي تترابط معا وتتداخل وتدفع في طريق خلق النتاج نفسه. العقل يدرك المعنى والمفهوم وليس بالضرورة ما يكنه من مكونات، وعملية الإدراك نفسها لا تدل على إثبات وجود بقدر خلق فهم لتفسير مفهوم ضمن إطار محدد ومقيد.
في ظل محدودية الفهم هذه، ما يهم هو ترابط التفسير وتماسكه على هيئة كيان يمكن الإيمان به، وليس السعي نحو الحقيقة اليقينية بالمعنى المتعارف عليه، فالحقيقة هنا مجرد تفسير لمجسات وعينا وخطأ قراءاتها لما حولها وداخلها. ترابط التفسير يعين على محاولة الاسترشاد عن طريق الرموز (الخطأ) في محاولة لإيجاد طريق للرقي من خلال بعث معنى في الخطأ كنظام يهدف إلى غرض ما. الحياة في ظل مرآة العقل مسيرة تفسير وليس بحث عن حقيقة يقينية متوهمة في دار غرورنا ووهن حيلته.
العقل كتفكير واستدلال لا وجود له بحد ذاته، والنفس كذلك من دون البدن لا وجود لها، والروح من دونهما لا وجود مدرك لها، أو لا يمكن إثبات وجودها في ظل غياب الجسد والعقل. أساس الادراك هو تفسير قائم على مفهوم الأنظمة التي تعمل لهدف ما لا يمكن تفكيكه إلى مكوناته الأصغر من دون فقد غرض النظام نفسه ومعناه وماهيته. الحياة مفهوم لا يمكن تصوره إلا على مستوى نظامه المتكامل الهادف إلى غرض ما، والأمر نفسه بالنسبة لمفاهيم مثل الوعي واللاوعي وغيرها مثل الحب والعدالة... لا وجود لهم بحد ذاتهم من دون ذات تدركهم، من دون نظام هم نواتجة ومخرجاته وثمراته.

زكي مبارك

 

12‏/01‏/2012

الروح ومملكتها

الروح ومملكتها - الأولى حالة قوة مقيدة تمثلت وتجسدت في صورة وعي يعي حالة وجوده، وفي هذا يتفوق وعي البشر في رصده لذاته وادراكه لأمر وعيه ومرآته، وهي متمثلة في إحساس مُدْرَك ولغة مُعَبِّرة تصوّر ظاهر الأشياء وتتخيلها وتقيمها. الثانية - علاقة فسيولوجية معقدة تعتمد على العقل ككيان لتفسير وتلبية إشارات مجساته المتجسدة في البدن والتصرف على أثر مطالبه. في هذا تمثل الروح اطار القوة الحاكمة لنظام النفس، قوة تمثل نظام نطلق عليه مفهموم النفس البشرية الواعية لحال وجودها. هي هنا قوة متسيدة، والنفس عقل وبدن، محكومة بحاكمية ملتها. النفس وحسب مفردات لغتنا تموت كنظام ومملكة وليس الروح، حيث أن القوة المقيدة الواعية لحال وجودها لا تفنى إلى عدم وفراغ ولكنها تدخل حيز لاوعي، فيه تستحيل الى ظاهر شيء آخر يمثلها بلون جديد أو لأصلها الأول ترجع. الروح لها سلطة حاكمة على النفس، ولكن الثانية قاعدة للأولى تقف عليها، بمثابة العبد الذي لا غنى للسيد عنه، من دونه يفقد السيد معنى سيادته، وجذر حاكميته، ووعي وجوده - يصبح وجوده غير مدرك تعريفا.

زكي مبارك







اللغة كحاجز وقفص للفهم والإدراك

في بناء اللغة يتمثّل قصر الكذب وسلطان خداع النفس

اللغة كحاجز وقفص للفهم والإدراك

مفردات اللغة تطورت وبنائها نما أساسًا كمنعة ذاتية تعين على البقاء وفهم الوجود بصورة تحسّن استعداد الذهن للاستنباط والاستحواذ في حدود ما تستلزمه ضروريات استمرار دمنا. هي مرآة تعكس فهمنا لما هو ضروري حولنا ولما ندركه في دواخلنا، وليس بالضرورة لتفسير كل ما يوجد حولنا أو يتشكل في دواخلنا. لدينا من حدود الوعي والإدراك ما يعيننا على زيادة احتمال بقائنا وهذا يفي بالغرض الأول الأساس. اللغة هنا كتعبير عن الوعي وكعائق عن سبر ما خلفه وكتعبير عن حالة ضعف وتوق إلى الإجتماع والتواصل... توق إلى استمرار الحياة. في بناء اللغة بمعناها الأعم والأشمل تتجسد واحدة من أكبر أقفاصنا، ما يجري خلف حدودها يظل خارج وعينا أو ادراكنا أو تصورنا أو وصفنا لظاهره أو فكرة حقيقتنا، حتى تمتد يد الوعي بعد صراع مع محيطها ماسكة له ومصورة ومجسدة تفسير يعين على استمرار المسير. هي بالرغم من ذلك عاجزة عن احتواء حقيقة العالم الذي نعيش فيه، فيها من الأخطاء والإنعكاسات المضللة ما يجعل من محاولة الفهم من خلالها أمر يقود إلى  إحتمال الخطأ أكثر من احتمال العثور على خيط درب جديد يتخفى بين سطور رسمها، وهي كآلة وعي وتصوير غير قادرة على رسم صورة أقرب للواقع الموجود المثبت وهو بالنسبة قليل أمام ما لم يثبت أو يدرك أو يتخيل أو ما خفى وغاب من واقع حولنا. 
الوعي متمثلا باللغة والإدراك والتصور يلعب لعبة الإخفاء والتضليل ضدنا، يمنعنا من فهم ما ليس بالضرورة في صالح بقائنا أو ما ليس بمؤثر عليه، اختار عنا حدود المستطاع والمتاح والمباح..!! هو يعتمد على قدرتنا على التصور والإدراك، وهذه تعتمد على بناء لغتنا، وبحر إحساسنا كلغة أخرى، وهذان يقفان عاجزان كأمر واقع عن الكشف عن حدود قدرة وعينا وإدراكه المختفي جله في دوائر اللاوعي الاساس، ويجعلان من الأمر محاولة بحث مستمرة عن ما يوجد خلف أفق الوعي التي كشفتها لنا أحاسيسنا ولغتنا.
هو اليوم يستعين بقاعدة العلم المادي وأدواته كساند جديد له، وهذه بدأت بالاستعاضة عن اللغة البشرية المتوارثة، بمعادلات رياضية صماء لوصف ما حولها وهي في ذلك تنتهج دربا أقرب إلى التجرد البارد القائم على منطق العلاقة السببية. ولكن هذا اللون الجديد في تدرجه، لغة جديدة لها حدودها في كونها يوما ما ستفترق عن اللغة الأم البشرية وسيكون لها منطقها الخاص وربما المتعارض مع المنطق البشري المرتبط بأصله الماثل في وعي الحياة نفسه وحينها سندخل في محاولة فهم جديدة لمشكلة جديدة وهي محاولة التوفيق بين تصورين... خطأين لفهم حقيقة ما هو ظاهر لنا ومدرك.




زكي مبارك



02‏/01‏/2012

الفراعنة... موت ثقافة حاكمة

الفراعنة... موت ثقافة حاكمة

لماذا اندثرت حضارة الفراعنة وخربت دارها وانهدمت بالرغم من ذكائها وتقدمها بالنسبة للحضارات الأخرى التي عاصرتها وعاشت بجوارها على سلم الزمن مثل  اليونانية ، والهندية، والصينية، وما بين النهرين. ماذا أودى بحياة ثقافة مصر القديمة وقيمها؟
انتهاج قيم حكم المرأة في الثقافة المصرية القديمة وحضارتها على مستوى الطبقة الحاكمة وخصوصا في مراحلها الأخيرة جعلت منها حضارة تسري في دمائها حاكمية قيم الأنوثة، بعقلها تحكم وبروحها تتسيد في وعي ثقافة الحضارة ومرآتها. في هذا الفلك المقلوب فطرة تخضع نوازع الرجولة وتتوارى قيم الحرب والقيادة المقاتلة في الصفوف المعتمة  كاشفة الوعي الجمعي المؤثر لخطر الإشراف على الهلاك. الرجل المطلوب والمحتفى به من قبل الارض الخصبة والمقدس، رجل مزارع  مسالم مطمئن مرتبط بها وليس محاربا العالم أفقه، وهو رجل قوي مدجن تحكم روحه امرأة تحتل إرادة قلبه ومصير مسيره  وتلَون له خيره وباطله. رجل بقلب إمرأة.
عندما يدخل الأجنبي القوي الذي درعه القتال وهو كره لضعيف أهله، به يؤمن ويتصرف وبقيمه يتنفس هواء الحرب، والقوة، وعدم الخضوع، والبحث الدائم، والمغامرة وعدم الارتهان للوهن والتحلل والاستقرار، وفي سماء مسيره يرفع راية السيد والمسود شعارا – عندما يدخل على سجيته وفطرته فاتحا مجتمع تحكمه السلطة الانثوية وليس رجلها القوي وألوانه، تكون النتيجة المرسومة خطوطها في أفق التاريخ، ولو بعد حين، تبعية المرأة القوية الحاكمة، لغريزتها المتوارية خلف الاقنعة، وهنا يمكن التحدث عن الثقافة نفسها، إلى ذلك الأجنبي الغازي الذي تسري في دمائه دم حكم قائم على منطق القوة والسيادة والخضوع لمشيئة أمره. مع طوي صفحات الأيام التي خلت وبزوغ  نار روح مقاتلة تتسيد حيث الأولى أفلت، تشرع روح الرجل القوي الغازي المنتصر وبحكم غريزتة الحاكمة، بمحو آثار الحضارة القديمة التي أتت من لون المرأة ويستبدلها بقيم حضارته الذكورية في طبقة الحكم والسيادة اولا، وفي باقي الطبقات الأدنى تباعا. في هذا يستخدم من الأدوات ما يتواؤم وما يتطلبه الامر من إخضاع عسكري مباشر أو غيره، أو إخضاع القيم الأضعف وتفكيكها ودحرها، أو إخضاع رب القوم ورمزهم ومقدسهم للرجل القوي وقيمه ومخالبه، أو مسح آثار القيم القديمة عبر انبات وتفريخ قيم جديدة محل تلك القديمة، بواسطة اناس من قوم الحضارة المتمرقة في وحل هزيمتها، وعلى يد جماعة من أهلها يقوم القوم بالعمل الهادم عبر الإجبار اولا، ثم عبر الاقتناع بعدمية محاولة المقاومة واستحالة الفكاك من قبضة الشر الجديد، أو مسح التاريخ القديم ولغته وعاداته وطمس ألوانه ومرآته. في مصر الفرعونية سهل الأمر كون الذي يحكم كان قيم المرأة وسلطة الأنوثة وألون خيرها وباطلها وبالتالي فأن خضوع المرأة القوية للرجل القوي الأجنبي وتبعيتها، أسهل من خضوع رجل قوي مهزوم وتسليمه لرجل آخر هزمه.
في هذا يكمن سر زوال الثقافة الفرعونية الحاكمة بعد غزو قلب دارها، واستمرار حضارات أخرى إلى يومنا هذا حتى بعد هزيمتها من قبل حضارات أخرى في ميدان الحرب والعسكر، حيث يمكن الكشف عن علاقة حضارات تعيش اليوم مجدها مع احتفاظها بجذور حضارتها الأم وثقافتها، ولا يمكن القول أن هذا ينطبق على الحضارة المصرية القديمة ومصيرها البائس الكئيب. هزيمة جسد الحضارة  وليس عقلها وروحها أمر يمكن تداركه. في الحالة الأولى تستمر الحضارة ولو كان جثمانها مقيدا بقيود الأجنبي الغازي ومن غائر الجرح ينزف، أما في الثانية تندثر الحضارة عن بكرة أبيها وتدخل حيز الماضي القديم المندثر.
حضارة تقدم فروض الطاعة لإمرأة... حضارة يختلط في قلب قويها غوجه وشاربه... حضارة الحكم فيها للون الأنثوي واحتقار لنار المغامرة الواثبة... حضارة مصيرها إلى الزوال إن آجلا أو عاجلا.
الفرعونية... ثلاثة آلاف عام من التقدم والذكاء والجمال والعلم والمثالية الرومانسية الحالمة في رحاب الأنوثة الحاكمة انتهى مصيرها إلى تحت التراب... دفنت قلبها حيث وضعت بيض هلاكها... لون التف حول عنق صاحبه بعد ان لوث دم حكمه... حضارة قتلت ذريتها يوم أطلقت على سمها اسم العسل... تشرب منه كأس فنائها... وتقتل براءه عنفوانها وتوقه وتنشد له ترنيمة مصيره... فرح مظلم لونه يمشي في درب جنازته واندثاره.

زكي مبارك


23‏/12‏/2011

بناء الفكر

بناء الفكر
ما يشهد به وعينا تم بناء جله في لحظة سابقة لتجسده ظاهرا ورسمه من لا وعي باطنه، خُلق في الأمس بعيده أو قريبه، ولا يمكن حل رباط  طلسمه الأول من منظور لحظة تلقيه وعكسه على مرآة وعي الحاضر المحسوس والمدرك. في غالب شأننا نعيد بث الإشارة وإن أومأت لنا المرآة أنه ابداع على غير مثال سبق. شهادته نفسها تقف عائقا عن رؤية ما ورائه، ففيه من جهة إنعكاس  لفهم ظاهر استقر، ومن ناحية أخرى عزل عن إدراك لا واعي لإحتمال تجسده أو انغلاقه على نفسه. الكيان الفكري الذي في حال التطور والتشكل فيه من حال التأثر بما تشكل ووصل إلى الوعي من فكر ورأي وتصور وإن لا يمكن إثبات ذلك حتي يستحيل إلى فكرة أخذت لها بعدا في ذهننا. اللا وعي يظل هائما في احتماله حتى يُأسر فكرة وعت نفسها وتجسدت برمز يفك  حِرْز  كيانه الأول ويدفع به إلى دائرة الوعي المدرك ويحيله لغة مفهومة. عندها يمكن نظريا الشروع بمحاولة التأكد من كون الفكرة لم تخلق في لحظة سبقت زمن ولادتها في عقل صاحبها التي أباحت له بوجودها. في لحظة الولادة نجد أن الخلق الجديد خليط من سابقه خاضع لتاريخه في الغالب الأعم، حتى تبرق في سماء الإبداع عين وعت لما لم يُدرك في كل ما سبق من تاريخ الفكر، أو لمحت لحظة وجود لم تتجسد وعيًا فيما سبق، أو أعادت بعث وجود غاب في متاهات اللا وعي دهرا طويلا . هنا يمكن الإدراك أن ما نعيه وننطق به قد يكون وعيا نكرره بعد انعكاسه وفي هذا غالب الاحتمال ويسير منه يكون نابع من بئر جديدة لم يشق لها وعي سابق عن طريق وفي هذا تحدى  الوعي ذاته لحقيقة أصالة وعيه. هو اذا صراع بين جديد الوعي وقديمه متخف ومستمر يثير الإعجاب في كينونة الوعي وسر تكونه وعمق جذوره. الفكرة كمخلوق لا تأتي من عدم أو خلاء بل تتشكل على هيئة لون لم يرسم من قبله، أو درجة جديدة للون ساطع،  ولكنه في كل الأحوال الأول منه والآخر، لون يستمد درجة موجته من سلطان قوة وجود هو الخالق الأعم والأشمل والاصل نفسه. وحتى يثبت وجود كيان لا لون ولا رائحة لطعم القوة والقدرة فيه، سيظل هذا الامر مسلم به ولو استكان الوعي لضعف غروره ونطق بعكسه هربًا من عجزه. لا وجود من دون قوة في صميم وجوده وفي هذا وعي الوجود الظاهر ينطق.

الفكر كأحد تجليات الوعي ورموزه، فعل تسلط يحتمل اعرابه فاعلا او مفعولا به فإن بزق للوهلة الأولى في فكرة تجسدت للمرة الأولى أصالة وأبداع  كان فاعل بأمر سلطان القوة، وإن انعكس عن مرآة أخرى فهو مفعول به. الفكر هنا يصبح تجسيدا لكينونة القوة التى تلونت بشكله وانتقلت في فلك الوعي حياة تعيش قوتها وتعترف بأصلها الأول وإن لم تقوله صراحة، به يتكرر المعنى بكل لون ورائحة واحساس مدرك، حتى يتشكل في لا وعي القادم من الغد، ومن ثم ينطق به خاضع خال أنه أخضع لا وعيه. في البدء تقف الأصالة خصما حتى تصطف مع المولود الجديد المزعوم بعد إثبات أصالته وعدم زيف لونه، وفي هذا يتمثل ندرة وعبقرية الإتيان بشيئ أصيل في جذره وليس تدرج جديد في لونه. 

زكي مبارك



21‏/12‏/2011

تقف بها عارية أمام رياح عاتية

تقف بها عارية أمام رياح عاتية...
من غائر بئرها اِنْبَجَسَت...
وعن غبار معدنها كشفت...
تلك الجوهرة الحانية...
تلك المطرقة الهادمة...
تلك الريشة الراسمة...
على أطراف شوكها شَهِدَت... بسمو تاج زهرتها...
من دم قلبها يرتوي ظمأ سعيها...
من ليل وحدتها تجد وهج رفقتها...
فرح يقف على حطام وَصَبه...
شوق يعلن قدوم لحظته...
تهيم كاشفة... لا يشغلها رادع عن مرامها...
تستصرخ أروقة دروبها بحثًا عن نفسها...
رأى الغد طرْفها... كيف له أن يطوي نارها...
من غائر بئرها اِنْبَجَسَت...
تلك الروح المقاتلة...



زكي مبارك

20‏/12‏/2011

أطر التفكير

أطر التفكير
في مجال العمل تراه يحتقر ذلك المسؤول المباشر الذي يرى فيه تابع خانع للمسؤول الأكبر.ولكنه في مجال أهم وأعمق – حياته وإطار تفكيره مثلاً – تراه يُسّلم للمسؤول المباشر الذي ينقل تعاليم المسؤول الأكبر ويخنع له. في الأول لم يتم برمجة العقل للرضوخ التام الغير مشروط... في الثاني حدث العكس وبالتالي تم التسليم والخضوع الغير مشروط...
العمل كإطار للحياة هو نشاط متأخر في حياة الفرد، أما شأن الحياة وطريقة التفكير عموماً يتم التدخل في تفاصيل مسارته في وقت مبكر – الطفولة مثلاً- أو سن المراهقة، أي في الوقت الذي تكون فيه دفاعات العقل في طور النشوء ولم تكتمل دعاماتها بعد... يمكن النظر إلى تصرفات الشخص من خلال أطر مختلفة مثل ما سبق من أمثلة، وبالتالي يمكن التنبأ بطريقة تصرف هذا الانسان عندما يجد نفسه أو عندما يتم وضعه ضمن إطار محدد مرسوم له.
كيف يمكن لهذا الشخص التحرر مما هو فيه من تقييد لحرية التصرف المرتبطة بشأن حياته وطريقة تفكيره؟ عملية التحرر من الاطار الثاني تمثل له تحدياً أكبر من عملية رفض الإطار الأول. في الحالة الثانية يحدث صراع مع حواجز وقيود تم نصبها ووضعها للإنسان في لحظة ضعفه واستسلامه وعدم خبرته ومع الوقت أصبحت جزء من طريقة تفسيره لما حوله وتقيمه لوجوده. بعد محاولات رفض قليلة يدرك وعيه الفاحص مقدار قوة الحواجز الموضوعة ومقدار رسوخها فيبدأ الإحساس بجبورت القوة الحاكمة بالتعاظم أمام قدرته الذاتية التوّاقة إلى التحرر والانعتاق من القيود المكتشفة والتي دخات حيز الوعي عنده. بعد فترة من التفكير قد يستكين المرء إلى الاستسلام أمام القوة القاهرة  له وفي هذا نهاية مشوار جهد تحرره، وقد يجد نفسه يعيش في صراع بين مرحلتين، مرحلة انتقالية مؤلمة قد تمتد لفترات طويلة (سنوات) فيكون في هذه الفترات كشخصين في كيان واحد يتكلم عن شيئ يدركه ويعي سطوته ولكن لا يستطيع التحرر منه. قد تكون نتيجة هذا الصراع قاسية جداً عليه فهي تمثل فترة وعي لإحتلال لنفسه من قبل نفس متسلطة عليه أو من خلال دائرة فكرة حاكمة أوسع منه.
من يستيطع في الأخير التحرر من سطوة الإطار الموضوع له يكون مثل من يشهد حالة تحرير مملؤة بالفرح والنشوة والشعور بالنصر...
إن كان الشخص متسلحاً بالعلم والمعرفة الحرة والحقة والإرادة على التحرر فسيكون بإمكانه إعادة بناء نفسه بعد التحرير معتمداً على قدراته الخاصة وهذه صعب ولكن ليس بالمستحيل، وقد يجد نفسه مرغماً على طلب المعونة من فكر آخر (محتل محتمل آخر) مما يعرضه لمخاطر إعادة تدوير المشكلة، وربما الوقوع في حالة احتلال واعتماد على الآخر بصورة أكبر وبضررأفدح من الحالة الإحتلالية الأولى.


زكي مبارك

19‏/12‏/2011

موج البحرين

موج البحرين

فقيه دين لا يحيط بجوانب علم اليوم... مرشد أعمى على طريق وعرة
 
مثقف تهيم روحه حول دار الحداثة الغربية... إلى معبد العدمية البوذية يسير
 
التقليد الفكري... علامة من علامات الوهن والإنحلال الذي يفتك بالعقل أولًا ويمتد لاحقًا إلى الجسد
 
منطق علم الكوانتم... وصف حالة لاوعي مادي قبل تخلقه إلى وعي مادي محسوس ومرصود ‎
 
دم حكم، وعقيدة وجود، وعلم يحلق بصاحبه... ثلاث دعائم لأمة إلى المستقبل تسير ‎
 
طبقة حاكمة تتلون بفن الخضوع... ماذا يبقى من حاكميتها
 
الديمقراطية الغربية... فن الكذب اليومي
 
غالبية دور الصحافة... دور دعارة عقلية
 
في دار غُرورنا نُخفي وَهْن حيلتنا
 
في برائتنا يكمن فرح إِقْدامنا
 
في جوانب وَعْينا ترقص ألوان حقيقتنا
 
وحيدًا صامتًا في بطن أمه ينتظر رجل الغد
 
ذلك السهم لمحت لحظة انطلاقه... ولن أفوّت ساعة نصره
 
عند سواحل الحياة ستصادف من الصدف كثيرها
 
في عَشوائيتها جمالها... تلك البراءة الأنثوية
 
المرأة موسيقى لن تمل بهجة سماعها
 
بين أنامل الفرح تشقى لحظات السكون
 
عند عتبات موج البحر أفكارنا تبحر
 
الوَعْي... أمواج أفكار متلاحقة لا بحر لها
 
المرأة في قلب بعلها مستقرة والعالم بيته ومقامه
 
الإنتقام... لحظة ضعف
 
مساوة... عذرًا لا يوجد معنى لها في قاموس بحثي
 
الجمال في جوفك ينتظر والسعادة
 
من قلب ألمك... سيبتسم لك الفرح لحظة تحرره
 
جمالها... جمال إبداعها
 
شكرًا لك حبيبتي... معشوقتي... عازفة ألوان فرح اللحظة وألحان ألمها
 
في عالم الكمبيوتر الدنيا أسود أو أبيض... صفر أو واحد وفي هذا حدود لون مشاعره
 
في عالم الكوانتم... الجسيم والموجة واحد وصفر معًا... في هذا يعجز عقل بلا مشاعر عن تخيله
 
في دائرة العلاقات البشرية... الطرف الأضعف حقل تجارب الصح والخطأ لذاك الأقوى
 
الوَعْي سعي نحو مرفأ في ليل دامس... اللغة شعلته... من دونها كل منا في الدُّجَى وحده يبحر


17‏/12‏/2011

نصف رجل

نصف رجل

إلى ما تبقى من الرجل... نصفه...
نظرت المرأة قائله أين ذهب الرجل؟!
محيط هادر وجبل شامخ كان يوماً القلب...
استحال المحيط بحيرة والجبل تلة صغيرة...
نصف رجل يبحث عن نصف امرأة هكذا يُراد المشهد...

زكي مبارك

منطق الكوانتم

منطق الكوانتم
الوجود في صورته المتجردة عصي على الإثبات من منظور مرآة الوعي والإدراك البشري الذي يعتمد على مجساته الطبيعية وخيالها وأدوات العلم المادي التي بحوزته. لا يمكن إدراكه بصورته المتجردة نظراً لنقص ذاتي في قدرة الوعي البشري على التجرد التام والمطلق واليقيني– أي رؤية الوجود من منظور خارج مفهوم الوعي نفسه وإثبات ماهيته خارج حدود إدراك العقل نفسه بصورة تجعل من تأثير الوعي نفسه خارج نطاق التأثير على نتيجة المشاهدة والتجربة. مما سبق يمكن القول أن محاولة فهم الوجود تستدعي وفق المنطق العلمي المادي تشويه الواقع المتجرد وإدخال البعد النسبي كإطار له تجعل من الممكن الحصول على تصور للوجود بعد تدخل الوعي البشري في عملية التصور ذاتها والتأثير على نتيجتها. وحيث أنه لا يمكن إدراك الواقع بصورته اليقينية ولا يمكن إثبات تصور الوجود بصورته المطلقة المتجردة من تأثير العقل البشري يستحيل كل شيء حسب التصور العلمي المادي إلى أمر نسبي في نطاق الوعي المدرك بما في ذلك نتيجة التجربة العلمية نفسها واستنتاجاتها. من أجل الشروع في رسم ملامح التصور المذكور يحتاج العلم إلى تصور آخر كإطار خلفي أو مرجعية للتصور الجديد لكي تقف عليه قوانينه ونظرياته. أي خطأ مقصود لإبراز ألوان التصور الوجودي الجديد، بمعنى خلق حالة نسبية جديدة لوصف ظاهرة جديدة متخيلة يراد إثباتها. ضمن هذه القيود يمكن للعلم أن يخلق ظاهرة الوجود بصورة مشوهة قابلة للفهم والتجسيد في حدود قدرة اللغة والوعي البشريين على الوصف المدعوم ببرهان التجربة المساند للفرضية. ميكانيكا الكوانتم في يومنا هذا تمثل في الوعي العلمي واحدة من أبعد ضفاف الاستكشافات البشرية وفي أروقتها يتم الهمس بإعلان العلم عن عدم قدرته على وصف الوجود بصورة شاملة لا يرقى لها الشك، ويصرح بلغة الرياضيات والتجربة المعملية بعدم القدرة على وصف الشيء نفسه كامل الوصف والتفسير من دون التأثير علي نتيجة التجربة والمشاهدة، وفي هذا يعترف الوعي العلمي بمحدودية وصف ظواهر الوجود. في تفصيل هذا الإعتراف يصرح رواد الاستكشاف أنفسهم أن في بحيرة الكوانتم يتلاشى نسيج الواقع المدرك ومعه أبعاده الاربعة، ويضيق المنطق المادي عينه، ويدخل الوعي العلمي أبواب مشاهدات واحتمالات لا تاريخ لها إلا في حاضرها، لا يدركها العقل البشري بكامل ماهيتها فهو قاصر عن وصف حالة لا وعي مادية بصورة تحفظ أسرارها من دون التدخل في خلق وعيها بصورة تشوه الحالة الأولى اللا واعية المنغلقة على نفسها والمفتوحة لكل احتمال. في الحالة المدركة والمحسوسة بمجسات الوعي وأدوات العلم لا نرى ولا نعي هذا المنطق المادي اللا واعي ولكن همسات العلم تقول أن بداية هذا الكون كان حالة كوانتمية، حالة  أصولية تخضع لمنطق قوانين الكوانتم التي تحتمل الإحتمال فقط. وحيث أن هذا الأصل الكوانتمي لا منطق يقيني له في حياته الأولى وفق المنظور العلمي السائد في يومنا هذا، نجد أن العلم لا يبحث عن هذا المنطق في يومنا المعاش ولكن في ساعة نشأة الكون الأولى، وفي لحظة تكونه الأولى المفتوحة على كل إحتمال، وبالتالي فعلم اليوم عن الإحتمال فقط يبحث ويتحدث. اكتشافات الكوانتم ومؤشرات تجاربه تقول أننا لم نفهم عالمنا هذا على على ماهيته الاقرب إلى الواقعية الفعلية المتجردة، والحقيقة العلمية – الكونية والجزيئية – تتجه إلى أن تكون معادلة رياضية تحمل يقين الإحتمال لا أكثر وهي بذلك تخلق تصور آخر جديد وواقع مشوه آخر. في هذا تظهر الحقيقة الكاملة مرة أخرى كخطأ وتصور مشوه وقاصر يكشف حدود استطاعة الوعي البشري ووهن حيلته أمام أقنعة ظاهرة الحقيقة العصية على التفسير المتكامل والشامل، وهي وفق منظور علم اليوم ظاهرة لا وجود لها ولا يمكن إثباتها بإستخدام قدرات العقل البشري وحده وأدواته المتاحة. ما لا يذكره أهل العلم صراحة أن العلم وصل إلى سواحل الإيمان بعد برهة زمن من اليقين المادي الخادع المتمثل في وهم وجود حقيقة كاملة تنتظر الخضوع للوعي البشري والتصرف وفقًا لشروطه وقوانينه.

زكي مبارك

16‏/12‏/2011

عزيزي – إبن العاربة وحفيده... لم تكذب على نفسك

عزيزي – إبن العاربة وحفيده... لِـمَ تكذب على نفسك... 
ثورة الربيع العربي؟ لماذا لا تكون صريحاً مع نفسك وتطلق عليها ما تستحق من الأسماء... ثورة الدم العربي... لم لا تسأل نفسك الدم مقابل ماذا... الدم قربانا لمن...الديمقراطية...؟ ولكنها مخلوق في يد إله العدمية الأوربي... دم عربي قرباناً لدم أشقر... هل سمعت يوماً عن قصة العبد وسيده.. أين موقعك من الإعراب فيها... فإن لـم يكن ما سبق صحيحاً... فلِـمَ تكذب على نفسك مرة أخرى... لِـمَ لا تقول ما تؤمن به حقاً... كن صريحا مع نفسك ولو للحظة...

زكي مبارك

لعبة الإلهاء في ظلال الربيع العربي

لعبة الإلهاء في ظلال الربيع العربي...
دعك من لافتات الإلهاء وتشتيت التفكير... القصة ليست مع رموز الديكتاتورية وحرية الشعوب العربية...ليست بين الديمقراطية والشمولية... ليست بين الغرب والعرب...
فالعرب من دون إسلامهم في الوحل يسيرون هذا به حاخاماتهم مقتنعون. استطاعوا هزيمة دولة الإسلام بالقوة... ولكنهم عجزوا وفشلوا في القضاء على روح الحضارة الإسلامية... الثقافة الإسلامية... القيم الإسلامية... روح القيم العربية... لسان حالهم يقول... الفشل يجب أن يكون من داخل الديار ولكم في شيوعية الروس مثال... الهدف والغاية... فشل تاريخي بعد التمكين... بعد الربيع... منطق صراعهم الحضاري يتكلم... من الفوضى نخلق بذور هزيمتهم... نهزم فكرتهم...  هبتهم ليست سوى حرب دينية حضارية تتلحف بغطاء الأخلاق والفضيلة تبذر بذور الهزيمة الذاتية في أرض صاحبها المستهدف... الهدف هو خلق إمكانية للتعبير والحرية في الكلام... في الممنوع... في أحقية الدين في صميم الحضارة العربية الإسلامية... الهدف هو ضرب أسس الدين الإسلامي من قبل أهله أنفسهم... الخطوة الأولى... تمكين الإسلاميين على عجل من الحكم في الوطن العربي... الخطوة الثانية التي لم تحن بعد ساعة قطافها... حصار الوطن العربي بعد تمكين الإسلاميين من مقاليد الحكم والعمل على كشف ضعف آلية حكمهم وفق المنظور الغربي وتسببهم في الشقاء الذي سيحل على رؤوس العرب بعد تسليمهم أمرهم لرجال الدين ولكم في أيران مثال مصغر... النتيجة ... خروج أجيال عربية مستقبلية متمردة على الحكم... على الإسلاميين... على مبادئ الدين الإسلامي نفسه وفق قواعد لعبة التبسيط الساذج... الثمرة... ضرب الدين الإسلامي في مقتل على يد العرب أنفسهم قلب الإسلام وعقله... بعدها لن يجدوا ما ينقذهم سوى الأجنبي القوي وثقافته وقيمه وحضارته المؤدية إلى العدمية الجوفاء...  عندها تكتمل دائرة العبودية حول عنق من ملك يومًا نفسه ويهل لهم حلم التخلص على يد أبناءه من شبح عودة الإسلام الأصيل إلى الحكم والحضارة... 

 زكي مبارك

الإدراك المتسارع

الإدراك المتسارع
الإدراك المتسارع مثل فرعًا ومنفذًا للقدرة الناتجة عن تراكم القوة والإستطاعة واستحالتها إلى شيء آخر في سبيل سعيها المتواصل بوعي أو من دونه إلى جمع القدرة وإضافتها إلى نفسها. في هذا يتفوق على بطء التغيير الفسيولوجي في جسم الإنسان مما يتيح معدل للتغيير في قوته وقدرته أسرع من قدرات الزمن البيولوجي على الملاحقة والمسايرة. في هذا الفعل استعاض عن القصور الجسدي المحكوم بقوانين الزمان والمكان بفتح منفذ القدرة على التصور والتحليل والتذكر وضمها إلى مملكة الوعي من أجل خلق عالم غير ذلك الفعلي المحسوس فاتحًا بذلك بوابة العبور لمعدل القدرة على التزايد بصورة لا تؤدي إلى انعكاس هذه الزيادات الكمية والنوعية إلى داخله وبالتالي إلى تدمير وعيه.  الشحنات المتعاظمة من الطاقة والقدرة والقوة تشكلت في صور الخيال والتفكر بصورة تعين على استمرار البقاء مع استمرارالتزايد في قدرة القوة البشرية على تجميع وتوحيد وكسب قوى جديدة مع كل لحظة بقاء. هذا من دون أن تستحيل القدرة التي يتميز بها البشر عن سائر الكائنات الحية مثل الإحساس بوعي الوجود، والقدرة العجيبة على التصور والمحاكاة والتعلم، إلى معول هدم من دون بناء، والتي في حالة عجزها عن الصرف يصبح من المستحيل أن يظل الانسان منتجا واعيا لنفسه في ظل إستمرار قدرته الذاتية على جمع وحشد الطاقة والقوة والقدرة من دون فتح منفذ للإنطلاق إلى بعد جديد. بعد أن أصبح العقل أكبر مصنع لحشد وعي القوة... وجد الوعي الإنساني منفذا لقدرته عبر قدرة عقل صاحبه على الإبداع...

زكي مبارك

البحث عن أصول القيم

البحث عن أصول القيم
ما الذي يجعل العقل الذكوري يميل إلى ذلك الأنثوي والعكس... هل نحن نقف أمام نتيجة إنتخاب طبيعي تكاثري بحت بدأ مع بدء المسيرة البشرية... أم هو نتيجة فعل متقدم على هذا التاريخ...
العقل الذكوري وذلك الأنثوي يتكاثران ويتكاملان مشكلان من الوحدة قوة فيما العقل المتوحد أو ذلك الشاذ عن هذه القاعدة ينحسر ويتقلص عدده حتى يصبح أقلية طبيعية ومجتمعية في فعل الإنتخاب الطبيعي... في الحالة الأولى يشكل التكاثر أغلبية انتخابية في الديمقراطية الطبيعية مما يترتب عليه وضع قيم... تشريعات... حياتية... ثقافية... تؤيد هذا التوجه وتباركه وتسبغ عليه شرعية الفعل السوي والطبيعي... فيما حكم ويحكم التاريخ البشري... وغيره الغير بشري على التوجه الآخر بالفعل اللاشرعي والغير طبيعي والشاذ مما يؤدي إلى تجريم الفعل أمام محكمة الطبيعة والضمير... الخاضعة لمنطق القوة الزاجرة متمثلاً هنا بمنطق الأغلبية الغالبة ضد الأقلية المندحرة...
العلم يقول بوجود كائنات بدآئية آحادية الجنس مما يمكنها التكاثر من دون الحاجة للذكر والأنثى في جسمين منفصلين... هذا المسار لم يلق القبول الشائع أمام هيئة حكم الطبيعة وبالتالي أصبح من الأمور الشاذة والغريبة التي تأخذ مقعداً هامشيا في مسيرة الحياة على الأرض...
مما سبق قد تكون القيم والثقافات التي تسود في يومنا هذا... في آلاف السنوات الماضية... على مستوى العقل البشري وقبل ذلك على مستوى المخلوقات الأخرى ناتجة عن انتخاب طبيعي على ضوء ما سبق من أمثلة... وبالتالي يمكن القول أن القيم السائدة في يومنا هذا هي نتيجة صراع طبيعي على السيادة القيمية المرتبطة بالسيادة التكاثرية والكمية قبل النوعية...
الإشكالية تنهض بنفسها عندما يتعلق الأمر بالقيم السائدة اليوم على مستوى العقل البشري في ما يسمى اليوم بالحضارات المتقدمة...  حيث أن  هذه القيم قد تؤدي في النهاية إلى خذلان صاحب العقل البشري عبر دفعه إلى حافة هاوية التحلل والعدمية... أين يقع الخطأ؟...

زكي مبارك