search

12‏/01‏/2012

الروح ومملكتها

الروح ومملكتها - الأولى حالة قوة مقيدة تمثلت وتجسدت في صورة وعي يعي حالة وجوده، وفي هذا يتفوق وعي البشر في رصده لذاته وادراكه لأمر وعيه ومرآته، وهي متمثلة في إحساس مُدْرَك ولغة مُعَبِّرة تصوّر ظاهر الأشياء وتتخيلها وتقيمها. الثانية - علاقة فسيولوجية معقدة تعتمد على العقل ككيان لتفسير وتلبية إشارات مجساته المتجسدة في البدن والتصرف على أثر مطالبه. في هذا تمثل الروح اطار القوة الحاكمة لنظام النفس، قوة تمثل نظام نطلق عليه مفهموم النفس البشرية الواعية لحال وجودها. هي هنا قوة متسيدة، والنفس عقل وبدن، محكومة بحاكمية ملتها. النفس وحسب مفردات لغتنا تموت كنظام ومملكة وليس الروح، حيث أن القوة المقيدة الواعية لحال وجودها لا تفنى إلى عدم وفراغ ولكنها تدخل حيز لاوعي، فيه تستحيل الى ظاهر شيء آخر يمثلها بلون جديد أو لأصلها الأول ترجع. الروح لها سلطة حاكمة على النفس، ولكن الثانية قاعدة للأولى تقف عليها، بمثابة العبد الذي لا غنى للسيد عنه، من دونه يفقد السيد معنى سيادته، وجذر حاكميته، ووعي وجوده - يصبح وجوده غير مدرك تعريفا.

زكي مبارك







اللغة كحاجز وقفص للفهم والإدراك

في بناء اللغة يتمثّل قصر الكذب وسلطان خداع النفس

اللغة كحاجز وقفص للفهم والإدراك

مفردات اللغة تطورت وبنائها نما أساسًا كمنعة ذاتية تعين على البقاء وفهم الوجود بصورة تحسّن استعداد الذهن للاستنباط والاستحواذ في حدود ما تستلزمه ضروريات استمرار دمنا. هي مرآة تعكس فهمنا لما هو ضروري حولنا ولما ندركه في دواخلنا، وليس بالضرورة لتفسير كل ما يوجد حولنا أو يتشكل في دواخلنا. لدينا من حدود الوعي والإدراك ما يعيننا على زيادة احتمال بقائنا وهذا يفي بالغرض الأول الأساس. اللغة هنا كتعبير عن الوعي وكعائق عن سبر ما خلفه وكتعبير عن حالة ضعف وتوق إلى الإجتماع والتواصل... توق إلى استمرار الحياة. في بناء اللغة بمعناها الأعم والأشمل تتجسد واحدة من أكبر أقفاصنا، ما يجري خلف حدودها يظل خارج وعينا أو ادراكنا أو تصورنا أو وصفنا لظاهره أو فكرة حقيقتنا، حتى تمتد يد الوعي بعد صراع مع محيطها ماسكة له ومصورة ومجسدة تفسير يعين على استمرار المسير. هي بالرغم من ذلك عاجزة عن احتواء حقيقة العالم الذي نعيش فيه، فيها من الأخطاء والإنعكاسات المضللة ما يجعل من محاولة الفهم من خلالها أمر يقود إلى  إحتمال الخطأ أكثر من احتمال العثور على خيط درب جديد يتخفى بين سطور رسمها، وهي كآلة وعي وتصوير غير قادرة على رسم صورة أقرب للواقع الموجود المثبت وهو بالنسبة قليل أمام ما لم يثبت أو يدرك أو يتخيل أو ما خفى وغاب من واقع حولنا. 
الوعي متمثلا باللغة والإدراك والتصور يلعب لعبة الإخفاء والتضليل ضدنا، يمنعنا من فهم ما ليس بالضرورة في صالح بقائنا أو ما ليس بمؤثر عليه، اختار عنا حدود المستطاع والمتاح والمباح..!! هو يعتمد على قدرتنا على التصور والإدراك، وهذه تعتمد على بناء لغتنا، وبحر إحساسنا كلغة أخرى، وهذان يقفان عاجزان كأمر واقع عن الكشف عن حدود قدرة وعينا وإدراكه المختفي جله في دوائر اللاوعي الاساس، ويجعلان من الأمر محاولة بحث مستمرة عن ما يوجد خلف أفق الوعي التي كشفتها لنا أحاسيسنا ولغتنا.
هو اليوم يستعين بقاعدة العلم المادي وأدواته كساند جديد له، وهذه بدأت بالاستعاضة عن اللغة البشرية المتوارثة، بمعادلات رياضية صماء لوصف ما حولها وهي في ذلك تنتهج دربا أقرب إلى التجرد البارد القائم على منطق العلاقة السببية. ولكن هذا اللون الجديد في تدرجه، لغة جديدة لها حدودها في كونها يوما ما ستفترق عن اللغة الأم البشرية وسيكون لها منطقها الخاص وربما المتعارض مع المنطق البشري المرتبط بأصله الماثل في وعي الحياة نفسه وحينها سندخل في محاولة فهم جديدة لمشكلة جديدة وهي محاولة التوفيق بين تصورين... خطأين لفهم حقيقة ما هو ظاهر لنا ومدرك.




زكي مبارك



02‏/01‏/2012

الفراعنة... موت ثقافة حاكمة

الفراعنة... موت ثقافة حاكمة

لماذا اندثرت حضارة الفراعنة وخربت دارها وانهدمت بالرغم من ذكائها وتقدمها بالنسبة للحضارات الأخرى التي عاصرتها وعاشت بجوارها على سلم الزمن مثل  اليونانية ، والهندية، والصينية، وما بين النهرين. ماذا أودى بحياة ثقافة مصر القديمة وقيمها؟
انتهاج قيم حكم المرأة في الثقافة المصرية القديمة وحضارتها على مستوى الطبقة الحاكمة وخصوصا في مراحلها الأخيرة جعلت منها حضارة تسري في دمائها حاكمية قيم الأنوثة، بعقلها تحكم وبروحها تتسيد في وعي ثقافة الحضارة ومرآتها. في هذا الفلك المقلوب فطرة تخضع نوازع الرجولة وتتوارى قيم الحرب والقيادة المقاتلة في الصفوف المعتمة  كاشفة الوعي الجمعي المؤثر لخطر الإشراف على الهلاك. الرجل المطلوب والمحتفى به من قبل الارض الخصبة والمقدس، رجل مزارع  مسالم مطمئن مرتبط بها وليس محاربا العالم أفقه، وهو رجل قوي مدجن تحكم روحه امرأة تحتل إرادة قلبه ومصير مسيره  وتلَون له خيره وباطله. رجل بقلب إمرأة.
عندما يدخل الأجنبي القوي الذي درعه القتال وهو كره لضعيف أهله، به يؤمن ويتصرف وبقيمه يتنفس هواء الحرب، والقوة، وعدم الخضوع، والبحث الدائم، والمغامرة وعدم الارتهان للوهن والتحلل والاستقرار، وفي سماء مسيره يرفع راية السيد والمسود شعارا – عندما يدخل على سجيته وفطرته فاتحا مجتمع تحكمه السلطة الانثوية وليس رجلها القوي وألوانه، تكون النتيجة المرسومة خطوطها في أفق التاريخ، ولو بعد حين، تبعية المرأة القوية الحاكمة، لغريزتها المتوارية خلف الاقنعة، وهنا يمكن التحدث عن الثقافة نفسها، إلى ذلك الأجنبي الغازي الذي تسري في دمائه دم حكم قائم على منطق القوة والسيادة والخضوع لمشيئة أمره. مع طوي صفحات الأيام التي خلت وبزوغ  نار روح مقاتلة تتسيد حيث الأولى أفلت، تشرع روح الرجل القوي الغازي المنتصر وبحكم غريزتة الحاكمة، بمحو آثار الحضارة القديمة التي أتت من لون المرأة ويستبدلها بقيم حضارته الذكورية في طبقة الحكم والسيادة اولا، وفي باقي الطبقات الأدنى تباعا. في هذا يستخدم من الأدوات ما يتواؤم وما يتطلبه الامر من إخضاع عسكري مباشر أو غيره، أو إخضاع القيم الأضعف وتفكيكها ودحرها، أو إخضاع رب القوم ورمزهم ومقدسهم للرجل القوي وقيمه ومخالبه، أو مسح آثار القيم القديمة عبر انبات وتفريخ قيم جديدة محل تلك القديمة، بواسطة اناس من قوم الحضارة المتمرقة في وحل هزيمتها، وعلى يد جماعة من أهلها يقوم القوم بالعمل الهادم عبر الإجبار اولا، ثم عبر الاقتناع بعدمية محاولة المقاومة واستحالة الفكاك من قبضة الشر الجديد، أو مسح التاريخ القديم ولغته وعاداته وطمس ألوانه ومرآته. في مصر الفرعونية سهل الأمر كون الذي يحكم كان قيم المرأة وسلطة الأنوثة وألون خيرها وباطلها وبالتالي فأن خضوع المرأة القوية للرجل القوي الأجنبي وتبعيتها، أسهل من خضوع رجل قوي مهزوم وتسليمه لرجل آخر هزمه.
في هذا يكمن سر زوال الثقافة الفرعونية الحاكمة بعد غزو قلب دارها، واستمرار حضارات أخرى إلى يومنا هذا حتى بعد هزيمتها من قبل حضارات أخرى في ميدان الحرب والعسكر، حيث يمكن الكشف عن علاقة حضارات تعيش اليوم مجدها مع احتفاظها بجذور حضارتها الأم وثقافتها، ولا يمكن القول أن هذا ينطبق على الحضارة المصرية القديمة ومصيرها البائس الكئيب. هزيمة جسد الحضارة  وليس عقلها وروحها أمر يمكن تداركه. في الحالة الأولى تستمر الحضارة ولو كان جثمانها مقيدا بقيود الأجنبي الغازي ومن غائر الجرح ينزف، أما في الثانية تندثر الحضارة عن بكرة أبيها وتدخل حيز الماضي القديم المندثر.
حضارة تقدم فروض الطاعة لإمرأة... حضارة يختلط في قلب قويها غوجه وشاربه... حضارة الحكم فيها للون الأنثوي واحتقار لنار المغامرة الواثبة... حضارة مصيرها إلى الزوال إن آجلا أو عاجلا.
الفرعونية... ثلاثة آلاف عام من التقدم والذكاء والجمال والعلم والمثالية الرومانسية الحالمة في رحاب الأنوثة الحاكمة انتهى مصيرها إلى تحت التراب... دفنت قلبها حيث وضعت بيض هلاكها... لون التف حول عنق صاحبه بعد ان لوث دم حكمه... حضارة قتلت ذريتها يوم أطلقت على سمها اسم العسل... تشرب منه كأس فنائها... وتقتل براءه عنفوانها وتوقه وتنشد له ترنيمة مصيره... فرح مظلم لونه يمشي في درب جنازته واندثاره.

زكي مبارك


23‏/12‏/2011

بناء الفكر

بناء الفكر
ما يشهد به وعينا تم بناء جله في لحظة سابقة لتجسده ظاهرا ورسمه من لا وعي باطنه، خُلق في الأمس بعيده أو قريبه، ولا يمكن حل رباط  طلسمه الأول من منظور لحظة تلقيه وعكسه على مرآة وعي الحاضر المحسوس والمدرك. في غالب شأننا نعيد بث الإشارة وإن أومأت لنا المرآة أنه ابداع على غير مثال سبق. شهادته نفسها تقف عائقا عن رؤية ما ورائه، ففيه من جهة إنعكاس  لفهم ظاهر استقر، ومن ناحية أخرى عزل عن إدراك لا واعي لإحتمال تجسده أو انغلاقه على نفسه. الكيان الفكري الذي في حال التطور والتشكل فيه من حال التأثر بما تشكل ووصل إلى الوعي من فكر ورأي وتصور وإن لا يمكن إثبات ذلك حتي يستحيل إلى فكرة أخذت لها بعدا في ذهننا. اللا وعي يظل هائما في احتماله حتى يُأسر فكرة وعت نفسها وتجسدت برمز يفك  حِرْز  كيانه الأول ويدفع به إلى دائرة الوعي المدرك ويحيله لغة مفهومة. عندها يمكن نظريا الشروع بمحاولة التأكد من كون الفكرة لم تخلق في لحظة سبقت زمن ولادتها في عقل صاحبها التي أباحت له بوجودها. في لحظة الولادة نجد أن الخلق الجديد خليط من سابقه خاضع لتاريخه في الغالب الأعم، حتى تبرق في سماء الإبداع عين وعت لما لم يُدرك في كل ما سبق من تاريخ الفكر، أو لمحت لحظة وجود لم تتجسد وعيًا فيما سبق، أو أعادت بعث وجود غاب في متاهات اللا وعي دهرا طويلا . هنا يمكن الإدراك أن ما نعيه وننطق به قد يكون وعيا نكرره بعد انعكاسه وفي هذا غالب الاحتمال ويسير منه يكون نابع من بئر جديدة لم يشق لها وعي سابق عن طريق وفي هذا تحدى  الوعي ذاته لحقيقة أصالة وعيه. هو اذا صراع بين جديد الوعي وقديمه متخف ومستمر يثير الإعجاب في كينونة الوعي وسر تكونه وعمق جذوره. الفكرة كمخلوق لا تأتي من عدم أو خلاء بل تتشكل على هيئة لون لم يرسم من قبله، أو درجة جديدة للون ساطع،  ولكنه في كل الأحوال الأول منه والآخر، لون يستمد درجة موجته من سلطان قوة وجود هو الخالق الأعم والأشمل والاصل نفسه. وحتى يثبت وجود كيان لا لون ولا رائحة لطعم القوة والقدرة فيه، سيظل هذا الامر مسلم به ولو استكان الوعي لضعف غروره ونطق بعكسه هربًا من عجزه. لا وجود من دون قوة في صميم وجوده وفي هذا وعي الوجود الظاهر ينطق.

الفكر كأحد تجليات الوعي ورموزه، فعل تسلط يحتمل اعرابه فاعلا او مفعولا به فإن بزق للوهلة الأولى في فكرة تجسدت للمرة الأولى أصالة وأبداع  كان فاعل بأمر سلطان القوة، وإن انعكس عن مرآة أخرى فهو مفعول به. الفكر هنا يصبح تجسيدا لكينونة القوة التى تلونت بشكله وانتقلت في فلك الوعي حياة تعيش قوتها وتعترف بأصلها الأول وإن لم تقوله صراحة، به يتكرر المعنى بكل لون ورائحة واحساس مدرك، حتى يتشكل في لا وعي القادم من الغد، ومن ثم ينطق به خاضع خال أنه أخضع لا وعيه. في البدء تقف الأصالة خصما حتى تصطف مع المولود الجديد المزعوم بعد إثبات أصالته وعدم زيف لونه، وفي هذا يتمثل ندرة وعبقرية الإتيان بشيئ أصيل في جذره وليس تدرج جديد في لونه. 

زكي مبارك



21‏/12‏/2011

تقف بها عارية أمام رياح عاتية

تقف بها عارية أمام رياح عاتية...
من غائر بئرها اِنْبَجَسَت...
وعن غبار معدنها كشفت...
تلك الجوهرة الحانية...
تلك المطرقة الهادمة...
تلك الريشة الراسمة...
على أطراف شوكها شَهِدَت... بسمو تاج زهرتها...
من دم قلبها يرتوي ظمأ سعيها...
من ليل وحدتها تجد وهج رفقتها...
فرح يقف على حطام وَصَبه...
شوق يعلن قدوم لحظته...
تهيم كاشفة... لا يشغلها رادع عن مرامها...
تستصرخ أروقة دروبها بحثًا عن نفسها...
رأى الغد طرْفها... كيف له أن يطوي نارها...
من غائر بئرها اِنْبَجَسَت...
تلك الروح المقاتلة...



زكي مبارك

20‏/12‏/2011

أطر التفكير

أطر التفكير
في مجال العمل تراه يحتقر ذلك المسؤول المباشر الذي يرى فيه تابع خانع للمسؤول الأكبر.ولكنه في مجال أهم وأعمق – حياته وإطار تفكيره مثلاً – تراه يُسّلم للمسؤول المباشر الذي ينقل تعاليم المسؤول الأكبر ويخنع له. في الأول لم يتم برمجة العقل للرضوخ التام الغير مشروط... في الثاني حدث العكس وبالتالي تم التسليم والخضوع الغير مشروط...
العمل كإطار للحياة هو نشاط متأخر في حياة الفرد، أما شأن الحياة وطريقة التفكير عموماً يتم التدخل في تفاصيل مسارته في وقت مبكر – الطفولة مثلاً- أو سن المراهقة، أي في الوقت الذي تكون فيه دفاعات العقل في طور النشوء ولم تكتمل دعاماتها بعد... يمكن النظر إلى تصرفات الشخص من خلال أطر مختلفة مثل ما سبق من أمثلة، وبالتالي يمكن التنبأ بطريقة تصرف هذا الانسان عندما يجد نفسه أو عندما يتم وضعه ضمن إطار محدد مرسوم له.
كيف يمكن لهذا الشخص التحرر مما هو فيه من تقييد لحرية التصرف المرتبطة بشأن حياته وطريقة تفكيره؟ عملية التحرر من الاطار الثاني تمثل له تحدياً أكبر من عملية رفض الإطار الأول. في الحالة الثانية يحدث صراع مع حواجز وقيود تم نصبها ووضعها للإنسان في لحظة ضعفه واستسلامه وعدم خبرته ومع الوقت أصبحت جزء من طريقة تفسيره لما حوله وتقيمه لوجوده. بعد محاولات رفض قليلة يدرك وعيه الفاحص مقدار قوة الحواجز الموضوعة ومقدار رسوخها فيبدأ الإحساس بجبورت القوة الحاكمة بالتعاظم أمام قدرته الذاتية التوّاقة إلى التحرر والانعتاق من القيود المكتشفة والتي دخات حيز الوعي عنده. بعد فترة من التفكير قد يستكين المرء إلى الاستسلام أمام القوة القاهرة  له وفي هذا نهاية مشوار جهد تحرره، وقد يجد نفسه يعيش في صراع بين مرحلتين، مرحلة انتقالية مؤلمة قد تمتد لفترات طويلة (سنوات) فيكون في هذه الفترات كشخصين في كيان واحد يتكلم عن شيئ يدركه ويعي سطوته ولكن لا يستطيع التحرر منه. قد تكون نتيجة هذا الصراع قاسية جداً عليه فهي تمثل فترة وعي لإحتلال لنفسه من قبل نفس متسلطة عليه أو من خلال دائرة فكرة حاكمة أوسع منه.
من يستيطع في الأخير التحرر من سطوة الإطار الموضوع له يكون مثل من يشهد حالة تحرير مملؤة بالفرح والنشوة والشعور بالنصر...
إن كان الشخص متسلحاً بالعلم والمعرفة الحرة والحقة والإرادة على التحرر فسيكون بإمكانه إعادة بناء نفسه بعد التحرير معتمداً على قدراته الخاصة وهذه صعب ولكن ليس بالمستحيل، وقد يجد نفسه مرغماً على طلب المعونة من فكر آخر (محتل محتمل آخر) مما يعرضه لمخاطر إعادة تدوير المشكلة، وربما الوقوع في حالة احتلال واعتماد على الآخر بصورة أكبر وبضررأفدح من الحالة الإحتلالية الأولى.


زكي مبارك

19‏/12‏/2011

موج البحرين

موج البحرين

فقيه دين لا يحيط بجوانب علم اليوم... مرشد أعمى على طريق وعرة
 
مثقف تهيم روحه حول دار الحداثة الغربية... إلى معبد العدمية البوذية يسير
 
التقليد الفكري... علامة من علامات الوهن والإنحلال الذي يفتك بالعقل أولًا ويمتد لاحقًا إلى الجسد
 
منطق علم الكوانتم... وصف حالة لاوعي مادي قبل تخلقه إلى وعي مادي محسوس ومرصود ‎
 
دم حكم، وعقيدة وجود، وعلم يحلق بصاحبه... ثلاث دعائم لأمة إلى المستقبل تسير ‎
 
طبقة حاكمة تتلون بفن الخضوع... ماذا يبقى من حاكميتها
 
الديمقراطية الغربية... فن الكذب اليومي
 
غالبية دور الصحافة... دور دعارة عقلية
 
في دار غُرورنا نُخفي وَهْن حيلتنا
 
في برائتنا يكمن فرح إِقْدامنا
 
في جوانب وَعْينا ترقص ألوان حقيقتنا
 
وحيدًا صامتًا في بطن أمه ينتظر رجل الغد
 
ذلك السهم لمحت لحظة انطلاقه... ولن أفوّت ساعة نصره
 
عند سواحل الحياة ستصادف من الصدف كثيرها
 
في عَشوائيتها جمالها... تلك البراءة الأنثوية
 
المرأة موسيقى لن تمل بهجة سماعها
 
بين أنامل الفرح تشقى لحظات السكون
 
عند عتبات موج البحر أفكارنا تبحر
 
الوَعْي... أمواج أفكار متلاحقة لا بحر لها
 
المرأة في قلب بعلها مستقرة والعالم بيته ومقامه
 
الإنتقام... لحظة ضعف
 
مساوة... عذرًا لا يوجد معنى لها في قاموس بحثي
 
الجمال في جوفك ينتظر والسعادة
 
من قلب ألمك... سيبتسم لك الفرح لحظة تحرره
 
جمالها... جمال إبداعها
 
شكرًا لك حبيبتي... معشوقتي... عازفة ألوان فرح اللحظة وألحان ألمها
 
في عالم الكمبيوتر الدنيا أسود أو أبيض... صفر أو واحد وفي هذا حدود لون مشاعره
 
في عالم الكوانتم... الجسيم والموجة واحد وصفر معًا... في هذا يعجز عقل بلا مشاعر عن تخيله
 
في دائرة العلاقات البشرية... الطرف الأضعف حقل تجارب الصح والخطأ لذاك الأقوى
 
الوَعْي سعي نحو مرفأ في ليل دامس... اللغة شعلته... من دونها كل منا في الدُّجَى وحده يبحر


17‏/12‏/2011

نصف رجل

نصف رجل

إلى ما تبقى من الرجل... نصفه...
نظرت المرأة قائله أين ذهب الرجل؟!
محيط هادر وجبل شامخ كان يوماً القلب...
استحال المحيط بحيرة والجبل تلة صغيرة...
نصف رجل يبحث عن نصف امرأة هكذا يُراد المشهد...

زكي مبارك

منطق الكوانتم

منطق الكوانتم
الوجود في صورته المتجردة عصي على الإثبات من منظور مرآة الوعي والإدراك البشري الذي يعتمد على مجساته الطبيعية وخيالها وأدوات العلم المادي التي بحوزته. لا يمكن إدراكه بصورته المتجردة نظراً لنقص ذاتي في قدرة الوعي البشري على التجرد التام والمطلق واليقيني– أي رؤية الوجود من منظور خارج مفهوم الوعي نفسه وإثبات ماهيته خارج حدود إدراك العقل نفسه بصورة تجعل من تأثير الوعي نفسه خارج نطاق التأثير على نتيجة المشاهدة والتجربة. مما سبق يمكن القول أن محاولة فهم الوجود تستدعي وفق المنطق العلمي المادي تشويه الواقع المتجرد وإدخال البعد النسبي كإطار له تجعل من الممكن الحصول على تصور للوجود بعد تدخل الوعي البشري في عملية التصور ذاتها والتأثير على نتيجتها. وحيث أنه لا يمكن إدراك الواقع بصورته اليقينية ولا يمكن إثبات تصور الوجود بصورته المطلقة المتجردة من تأثير العقل البشري يستحيل كل شيء حسب التصور العلمي المادي إلى أمر نسبي في نطاق الوعي المدرك بما في ذلك نتيجة التجربة العلمية نفسها واستنتاجاتها. من أجل الشروع في رسم ملامح التصور المذكور يحتاج العلم إلى تصور آخر كإطار خلفي أو مرجعية للتصور الجديد لكي تقف عليه قوانينه ونظرياته. أي خطأ مقصود لإبراز ألوان التصور الوجودي الجديد، بمعنى خلق حالة نسبية جديدة لوصف ظاهرة جديدة متخيلة يراد إثباتها. ضمن هذه القيود يمكن للعلم أن يخلق ظاهرة الوجود بصورة مشوهة قابلة للفهم والتجسيد في حدود قدرة اللغة والوعي البشريين على الوصف المدعوم ببرهان التجربة المساند للفرضية. ميكانيكا الكوانتم في يومنا هذا تمثل في الوعي العلمي واحدة من أبعد ضفاف الاستكشافات البشرية وفي أروقتها يتم الهمس بإعلان العلم عن عدم قدرته على وصف الوجود بصورة شاملة لا يرقى لها الشك، ويصرح بلغة الرياضيات والتجربة المعملية بعدم القدرة على وصف الشيء نفسه كامل الوصف والتفسير من دون التأثير علي نتيجة التجربة والمشاهدة، وفي هذا يعترف الوعي العلمي بمحدودية وصف ظواهر الوجود. في تفصيل هذا الإعتراف يصرح رواد الاستكشاف أنفسهم أن في بحيرة الكوانتم يتلاشى نسيج الواقع المدرك ومعه أبعاده الاربعة، ويضيق المنطق المادي عينه، ويدخل الوعي العلمي أبواب مشاهدات واحتمالات لا تاريخ لها إلا في حاضرها، لا يدركها العقل البشري بكامل ماهيتها فهو قاصر عن وصف حالة لا وعي مادية بصورة تحفظ أسرارها من دون التدخل في خلق وعيها بصورة تشوه الحالة الأولى اللا واعية المنغلقة على نفسها والمفتوحة لكل احتمال. في الحالة المدركة والمحسوسة بمجسات الوعي وأدوات العلم لا نرى ولا نعي هذا المنطق المادي اللا واعي ولكن همسات العلم تقول أن بداية هذا الكون كان حالة كوانتمية، حالة  أصولية تخضع لمنطق قوانين الكوانتم التي تحتمل الإحتمال فقط. وحيث أن هذا الأصل الكوانتمي لا منطق يقيني له في حياته الأولى وفق المنظور العلمي السائد في يومنا هذا، نجد أن العلم لا يبحث عن هذا المنطق في يومنا المعاش ولكن في ساعة نشأة الكون الأولى، وفي لحظة تكونه الأولى المفتوحة على كل إحتمال، وبالتالي فعلم اليوم عن الإحتمال فقط يبحث ويتحدث. اكتشافات الكوانتم ومؤشرات تجاربه تقول أننا لم نفهم عالمنا هذا على على ماهيته الاقرب إلى الواقعية الفعلية المتجردة، والحقيقة العلمية – الكونية والجزيئية – تتجه إلى أن تكون معادلة رياضية تحمل يقين الإحتمال لا أكثر وهي بذلك تخلق تصور آخر جديد وواقع مشوه آخر. في هذا تظهر الحقيقة الكاملة مرة أخرى كخطأ وتصور مشوه وقاصر يكشف حدود استطاعة الوعي البشري ووهن حيلته أمام أقنعة ظاهرة الحقيقة العصية على التفسير المتكامل والشامل، وهي وفق منظور علم اليوم ظاهرة لا وجود لها ولا يمكن إثباتها بإستخدام قدرات العقل البشري وحده وأدواته المتاحة. ما لا يذكره أهل العلم صراحة أن العلم وصل إلى سواحل الإيمان بعد برهة زمن من اليقين المادي الخادع المتمثل في وهم وجود حقيقة كاملة تنتظر الخضوع للوعي البشري والتصرف وفقًا لشروطه وقوانينه.

زكي مبارك

16‏/12‏/2011

عزيزي – إبن العاربة وحفيده... لم تكذب على نفسك

عزيزي – إبن العاربة وحفيده... لِـمَ تكذب على نفسك... 
ثورة الربيع العربي؟ لماذا لا تكون صريحاً مع نفسك وتطلق عليها ما تستحق من الأسماء... ثورة الدم العربي... لم لا تسأل نفسك الدم مقابل ماذا... الدم قربانا لمن...الديمقراطية...؟ ولكنها مخلوق في يد إله العدمية الأوربي... دم عربي قرباناً لدم أشقر... هل سمعت يوماً عن قصة العبد وسيده.. أين موقعك من الإعراب فيها... فإن لـم يكن ما سبق صحيحاً... فلِـمَ تكذب على نفسك مرة أخرى... لِـمَ لا تقول ما تؤمن به حقاً... كن صريحا مع نفسك ولو للحظة...

زكي مبارك

لعبة الإلهاء في ظلال الربيع العربي

لعبة الإلهاء في ظلال الربيع العربي...
دعك من لافتات الإلهاء وتشتيت التفكير... القصة ليست مع رموز الديكتاتورية وحرية الشعوب العربية...ليست بين الديمقراطية والشمولية... ليست بين الغرب والعرب...
فالعرب من دون إسلامهم في الوحل يسيرون هذا به حاخاماتهم مقتنعون. استطاعوا هزيمة دولة الإسلام بالقوة... ولكنهم عجزوا وفشلوا في القضاء على روح الحضارة الإسلامية... الثقافة الإسلامية... القيم الإسلامية... روح القيم العربية... لسان حالهم يقول... الفشل يجب أن يكون من داخل الديار ولكم في شيوعية الروس مثال... الهدف والغاية... فشل تاريخي بعد التمكين... بعد الربيع... منطق صراعهم الحضاري يتكلم... من الفوضى نخلق بذور هزيمتهم... نهزم فكرتهم...  هبتهم ليست سوى حرب دينية حضارية تتلحف بغطاء الأخلاق والفضيلة تبذر بذور الهزيمة الذاتية في أرض صاحبها المستهدف... الهدف هو خلق إمكانية للتعبير والحرية في الكلام... في الممنوع... في أحقية الدين في صميم الحضارة العربية الإسلامية... الهدف هو ضرب أسس الدين الإسلامي من قبل أهله أنفسهم... الخطوة الأولى... تمكين الإسلاميين على عجل من الحكم في الوطن العربي... الخطوة الثانية التي لم تحن بعد ساعة قطافها... حصار الوطن العربي بعد تمكين الإسلاميين من مقاليد الحكم والعمل على كشف ضعف آلية حكمهم وفق المنظور الغربي وتسببهم في الشقاء الذي سيحل على رؤوس العرب بعد تسليمهم أمرهم لرجال الدين ولكم في أيران مثال مصغر... النتيجة ... خروج أجيال عربية مستقبلية متمردة على الحكم... على الإسلاميين... على مبادئ الدين الإسلامي نفسه وفق قواعد لعبة التبسيط الساذج... الثمرة... ضرب الدين الإسلامي في مقتل على يد العرب أنفسهم قلب الإسلام وعقله... بعدها لن يجدوا ما ينقذهم سوى الأجنبي القوي وثقافته وقيمه وحضارته المؤدية إلى العدمية الجوفاء...  عندها تكتمل دائرة العبودية حول عنق من ملك يومًا نفسه ويهل لهم حلم التخلص على يد أبناءه من شبح عودة الإسلام الأصيل إلى الحكم والحضارة... 

 زكي مبارك

الإدراك المتسارع

الإدراك المتسارع
الإدراك المتسارع مثل فرعًا ومنفذًا للقدرة الناتجة عن تراكم القوة والإستطاعة واستحالتها إلى شيء آخر في سبيل سعيها المتواصل بوعي أو من دونه إلى جمع القدرة وإضافتها إلى نفسها. في هذا يتفوق على بطء التغيير الفسيولوجي في جسم الإنسان مما يتيح معدل للتغيير في قوته وقدرته أسرع من قدرات الزمن البيولوجي على الملاحقة والمسايرة. في هذا الفعل استعاض عن القصور الجسدي المحكوم بقوانين الزمان والمكان بفتح منفذ القدرة على التصور والتحليل والتذكر وضمها إلى مملكة الوعي من أجل خلق عالم غير ذلك الفعلي المحسوس فاتحًا بذلك بوابة العبور لمعدل القدرة على التزايد بصورة لا تؤدي إلى انعكاس هذه الزيادات الكمية والنوعية إلى داخله وبالتالي إلى تدمير وعيه.  الشحنات المتعاظمة من الطاقة والقدرة والقوة تشكلت في صور الخيال والتفكر بصورة تعين على استمرار البقاء مع استمرارالتزايد في قدرة القوة البشرية على تجميع وتوحيد وكسب قوى جديدة مع كل لحظة بقاء. هذا من دون أن تستحيل القدرة التي يتميز بها البشر عن سائر الكائنات الحية مثل الإحساس بوعي الوجود، والقدرة العجيبة على التصور والمحاكاة والتعلم، إلى معول هدم من دون بناء، والتي في حالة عجزها عن الصرف يصبح من المستحيل أن يظل الانسان منتجا واعيا لنفسه في ظل إستمرار قدرته الذاتية على جمع وحشد الطاقة والقوة والقدرة من دون فتح منفذ للإنطلاق إلى بعد جديد. بعد أن أصبح العقل أكبر مصنع لحشد وعي القوة... وجد الوعي الإنساني منفذا لقدرته عبر قدرة عقل صاحبه على الإبداع...

زكي مبارك

البحث عن أصول القيم

البحث عن أصول القيم
ما الذي يجعل العقل الذكوري يميل إلى ذلك الأنثوي والعكس... هل نحن نقف أمام نتيجة إنتخاب طبيعي تكاثري بحت بدأ مع بدء المسيرة البشرية... أم هو نتيجة فعل متقدم على هذا التاريخ...
العقل الذكوري وذلك الأنثوي يتكاثران ويتكاملان مشكلان من الوحدة قوة فيما العقل المتوحد أو ذلك الشاذ عن هذه القاعدة ينحسر ويتقلص عدده حتى يصبح أقلية طبيعية ومجتمعية في فعل الإنتخاب الطبيعي... في الحالة الأولى يشكل التكاثر أغلبية انتخابية في الديمقراطية الطبيعية مما يترتب عليه وضع قيم... تشريعات... حياتية... ثقافية... تؤيد هذا التوجه وتباركه وتسبغ عليه شرعية الفعل السوي والطبيعي... فيما حكم ويحكم التاريخ البشري... وغيره الغير بشري على التوجه الآخر بالفعل اللاشرعي والغير طبيعي والشاذ مما يؤدي إلى تجريم الفعل أمام محكمة الطبيعة والضمير... الخاضعة لمنطق القوة الزاجرة متمثلاً هنا بمنطق الأغلبية الغالبة ضد الأقلية المندحرة...
العلم يقول بوجود كائنات بدآئية آحادية الجنس مما يمكنها التكاثر من دون الحاجة للذكر والأنثى في جسمين منفصلين... هذا المسار لم يلق القبول الشائع أمام هيئة حكم الطبيعة وبالتالي أصبح من الأمور الشاذة والغريبة التي تأخذ مقعداً هامشيا في مسيرة الحياة على الأرض...
مما سبق قد تكون القيم والثقافات التي تسود في يومنا هذا... في آلاف السنوات الماضية... على مستوى العقل البشري وقبل ذلك على مستوى المخلوقات الأخرى ناتجة عن انتخاب طبيعي على ضوء ما سبق من أمثلة... وبالتالي يمكن القول أن القيم السائدة في يومنا هذا هي نتيجة صراع طبيعي على السيادة القيمية المرتبطة بالسيادة التكاثرية والكمية قبل النوعية...
الإشكالية تنهض بنفسها عندما يتعلق الأمر بالقيم السائدة اليوم على مستوى العقل البشري في ما يسمى اليوم بالحضارات المتقدمة...  حيث أن  هذه القيم قد تؤدي في النهاية إلى خذلان صاحب العقل البشري عبر دفعه إلى حافة هاوية التحلل والعدمية... أين يقع الخطأ؟...

زكي مبارك

كلنا نكذب عندما نلبس الثياب

كلنا نكذب عندما نلبس الثياب...
ليس لأننا نود فعل ذلك طوعاً ولكن لكي يمكننا تقبّل أنفسنا أمام مرآتها الفاضحة... أن تكون واضحًا وصريحًا في كل لحظات يومك مع نفسك ومن هم من حولك شيء مرهق لها وكذلك لك أنت من تمثلها في ساعة وعيك...في ساعة حضورك أمام نفسك... أن نلبس الثياب هذا من اختصاصنا... من مقومات تكلفنا... من دواعي حياتنا... أن نعطي المعني والشكل واللون لذلك الشعور الغريب الذي يداهمنا في لحظات يومنا... ساعة وعينا... أن نسبق عليه هالة من القداسة المتمثلة في المعنى الذي يعي لحظة وجود...  سواء كان ذلك في جانب التفضيل أو التحقير...
ألبسنا ذلك الشعور المؤلم والغير مرغوب به بلبوس الحزن ولونه ولونا ذلك الجانب المفرح والمحبب بطقوس العيد والبهجة ثم وقفنا أمامه يملأنا الغرور بفيضه ندور حوله وحول  أنفسنا مختالين... ما أحلى ذلك الثوب الجميل... الآن يمكنني الخروج به إلى الناس ليروه ويقيموه مثل ما فعلت معه في ساعة الصمت والخلوة... نفعل ذلك في كل لحظة وساعة في وقت وعي وعينا وسباته... حتى صار الأول لا معنى له من دون الثاني... طوال يوم حياتنا نلبس الثوب ثم نرقب كيف كان وقعه علينا وعلى من هم حولنا... في حالة تقييم مستمرة في جوانب الفعل ورد الفعل نضيء بريشته جوانب عالمنا...  معالم حواسنا... أو هكذا يخيل لنا... بعد أن يتجرد المعنى من ثوبه ماذا تقوله لك صراحته... وقاحته... براءته...
هل يمكنك كتم سر ما رأيت... أم ستخرج علنا لتصدح بما سمعت... وماذا إذا لم يصدّقك من سمع قولك وما نطقه به لسانك... بأي ثوب حينها إلى دارك ستعود...

زكي مبارك

بين القراءة والكتابة

بين القراءة والكتابة...
نعمة أن تأكل من الأكل ما لذ وطاب وأن تشرب من الشراب لذيذه وما يروي العطش ويرد الظمأ والأجمل أن ترى ذلك صحة في بدنك وجمالا في هيئتك... منه تبني جسدك وتزيده قوة ومنعة  ليعينك على مواصلة المسير والبناء لحاضر يومك ومستقبله... لكن إلى من يقرأ كتب المعرفة وينهل من معينها أقول له لحظة من فضلك... لِـمَ نحن نقرأ ومن نهل المعرفة ننهل... لِـمَ من طيبها نأكل ومن نبعها نشرب... لِـمَ  أرى من صنوف الكتب في مكتبتك صفوف أطباق متنوعة ومن ينابيع المعرفة أشكالًا وشرابًا ولكن لا أرى لك فيما بينهم صنفًا وضعته بنفسك أوطبقًا صنعته ليومك... لِـمَ لا أراك مما تقرأ وتنهل تبني لك فكرًا وبيتًا... بلحمك ودمك أراك جسدًا وحسًا ولكن بعقلك لا وجود لك ولا أثر إلا من طيف شيء آخر... ماذا قلت في كل ما وُضع أمامك من صنوف الاطباق والشراب طعامًا كان أو فكرًا... الأول تكفل به بدنك استفادةً وهضمًا فنموًا وبناء والثاني لِـمَ لا أراك تبني منه لعقلك بيتًا من معرفة وفكر... في مجال الفكر وساحته لا ريب أنك في ضيق من أمرك أو في الإحتمال الثاني في ثقة عمياء وبسذاجة تنام ضيفًا ثقيلًا عند بعض الأنام... في حال الأول كوّنت لنفسك من المتناقضات نسقًا ومن الثاني نمت في دار الآخر الغريب طفلاً صغيرا... بيت لم يبنه عقلك من دم خطه قلبك ولم يكن في تصميمه رأي لك ومخطط، ومفتاح وجدته ليس بمفتاحك كيف لك أن تقول أنه بيتك... أنك أهله... بيت من واجهة كل دار جار نسخ... ومن كل نسق مختلف جمع في غرفة ووضع... ومن كل تناقض في الفكرة واللون والطعم حشر كيف لك أن تقول لنفسك أنه بيت لك فيه تناسق وطمأنينة ومستقر...  وفي الإحتمال الثاني تنتقل من مكان لآخر من زاوية لأخرى تبات ليلة هنا وليلة هناك... لم لا أرى لك من مقام... خلف جدران عقل رجل آخر حينًا تستظل وتلوذ بسقف فكر جماعة ساعة يوم آخر... تتخذه ملاذًا وليس لك في الغالب في بلد الفكر أرض بإسمك ولا جذر... 

زكي مبارك

العقاب والحمل

العقاب والحمل
يتساءل أحدهم... لماذا العقاب يكرهه الحمل في حين أن الأول يرى فيه لحمًا لذيذا... هل من مفهوم للقيم مختلف بين الإثنين... ما الذي يدفع بالكاسر إلى الإنقضاض حماسة ويدفع بالثاني إلى الهرب خوفًا... كل منهما تحت غريزة البقاء يرزح... إذًا الهدف واحد بين الإثنين ولكن الوسيلة اختلفت... عند الأول الغاية وضعت الحماسة والقوة والإقدام قيمة ووسيلة، وعند الثاني كانت الخوف والهلع والفزع وسيلة للبقاء... رأى الوعي الأول المشهد رؤية العين فجعل من الأول رمزًا ومن الثاني لحمًا..
لك أن تكون عقابًا أو أن تكون حملًا... هكذا اقتنع ذلك الوعي وعلى هذا الأساس وضع قيم بقائه واستقلاليته... من الأول سادت روح لا تستريح... لا تكل عن البحث... تحتفل بالنصر... ومن الثاني قنع ذو الجناح المكسور بالارض سقفا وبالإختباء خلف الاقنعة والتزييف على النفس والعقل...
أن تكون الإثنين معًا سينتهي بك المطاف أن تأكل نفسك لحمًا شهيًا هكذا كان الحال حينها وهو كذلك اليوم وكل يوم...
سادة الكواسر تعيش في ثنايا قمم الجبال وليس بين الورق والأغصان ووفرة الماء والظلال... هي ضريبة يدفعها من رام السؤدد من دمه...  وفتنة لمن وجد في الدعة والخضوع لذة...

 زكي مبارك

لماذا فعلت ذلك؟... لأني أستطيع

لماذا فعلت ذلك؟... لأني أستطيع...!
لا جدوى من طرح سؤال صواب وخطأ الفعل في هذه الحالة... الإستطاعة على القيام بشيء ما يدفع بصاحبه إلى فعله... الدوافع والرغبات المحسوسة التي يصوّرها الوعي لنا ويلونها يمكن وصفها بالظرفية التي تُفسر لنا دوافع العمل بعد حدوثه بصورة يفهما الوعي... ولكن الدافع الفعلي يكمن في تملك القدرة على فعل الفعل نفسه من دون وضع دوافع تفسيرية مسبقة أو نوايا واعية مبيتة...ذلك الفعل شق طريقة... فوجده... لماذا... لأنه يستطيع ذلك... لأنه امتلك القدرة على فعل ذلك الفعل... حدود قدرات العقل البشري تقف عند حدود قدرته على التصور والتخيل والوعي... فما هو فوق مستوى الإدراك والخيال يصبح مدركا ومتخيلا لحظة ادراكه وتخيله... وما هو دون حالة الوعي يصبح في دائرتها لحظة رصده... هذه الحدود تدفع بحدود الاستطاعة في كل لحظة بقاء نحو حدود أخرى... هي نزعة نحو الإستطاعة... نحو القدرة على رفع مقدار القدرة نفسها... كهدف يعيش لنفسه بعيدا عن حقه وباطله... السعي نحو قدرة أكبر من أجل القدرة في الأساس...

زكي مبارك

 

15‏/12‏/2011

ذاك الثغر الباسم

ذاك الثغر الباسم
المذيعة الجميلة واجهة فنية لفكي التمساح والأمر نفسه في حلو الكلام، خلف فن التخفي والإيهام ستجده ينظر إليك بإهتمام، ستلفاه يعّد لك الأنفاس الثقيلة ومرات طرف العين الحائرة ولحظات رسم الفرح على محياك ومسحات حزنه ووهنه. مع كل لحظة سلّمت له نفسك قانعًا في رحاب سلطته وجثمت أُضْحِيَة بين يدي سلطان فتنته وجميل قدرته، سيجعل منك مادة خام على طاولة خطته، مشروع إخضاع بالورد والزهر مغلف وإرغام. بإبتسامة مغرية شقيّة عند باب جوف الفضول ينتظرك وعين فاتنة ، ستدخل راشدًا إلى حيث لك يريد ولا يتعجلا، قُرْبة جديدة إلى شوقها بكل ثقة تزف نفسها وتَسير. لا تلتفت ذات اليمين أو ذات الشمال، دعك من ذاك الذي يلوح بيده محذرًا كافر هو بما رأيت لا مصدقًا، تعال مخيرًا لا مسيرًا إلى كَنَف فن التخفي والإيهام، تعال إلى حيث من كان مثلك مقامًا يستحق أن يكونا، بعد اقتناعك وارتضائك عقلًا وقلبًا لمن تهوى أن نكونا. أعذب الكلام... تلك المرآة الراسمة، ذاك الثغر البسام، أشده كذبًا وأطوله نفسًا وفي هذا رسم صدقه... 

زكي مبارك

06‏/12‏/2011

الصحراء البهية – رحلة إلى الداخل المجهول

الصحراء البهية – رحلة إلى الداخل المجهول
نظر الإنسان الأول الى مرآته فهاله ما رأى فصنع لنفسه قفصًا ووضع شفرات وعيه فيه... هذا الخيار لم يكن حلا جذريا لمشكلةٍ بقدر كونه نواتج إدراكٍ اعتمد وضع الفرضيات وقراءة المعطيات على وجه الطرف الآخر.. الطريدة والجائزة التي يجب حفظها وتنميتها. لم يكن خياراً صعبًا لصيادٍ بالفطرة يصيد فريسته ليعيش فواحدة من مهاراته المتقدمة صناعة الاقفاص. حيث التفت وجد من الأقفاص معينًا لخياله... سرب من المفاهيم يمتد بطول أفق الوعي والتفسير. منظومة القيم - واحدة من أكبر الأقفاص وأكثرها مكرًا في عهدة التفكير البشري نفسه ومشاركة في بنائه. في هذا كان لبس قناع  القيم محاولة للدخول إلى  قفص الزمن والمكان للتحكم بحالة الوعي وضبط تحركاتها داخل حدوده وضمن نطاق سطوة قبضته، وكوصفة ضرورية من أجل استمرار المسير أو هكذا يفترض أن يكون التفسير. 

لماذا يُلقط ضمن إشارات هذا الوعي إحساسٍ بالتوق إلى محيط غير ذلك الذي هو فيه يعيش، وكأن هنالك من رمى المفتاح خارج القفص وغير مسمى ذلك القيد إلى إسم جديد ومفهوم آخر... وكأن هنالك من رام التحرر من افق صحرائه وسطوة مرآتها العاكسة لألوان تفكيره وتصرفاته، وأشكال فعله ورد فعله – طبيعته وحياتة. حتى يمكن التوصل الى تفسيرٍ أمثل لما سبق... يجب إطلاق الأسماء الأكثر توصيفًا والأكثر واقعيةً على المحسوس من ظاهر الأشياء والمدرك. حياة الانسان داخل القفص متمثلة بحدود الوعي وقيود الإدراك وضيق المسار،  يجب الاعتراف بها كفرضية أو كنتيجة معاشةٍ ولكن غير ملموسة بوضوحٍ وغير موصوفة بصراحةٍ واضحةٍ عاريةٍ.
أن تعيش كل حياتك داخله وتحت نغم أوامره... قد ينسيك تلاوين أفق الحياة خارجه وبالمقابل فالخروج منه فيه مخاطر التعرض للمجهول الجديد، وعامل خوف نابعٍ من نقص معرفة فرضها طمس معالم  التوثيق الأول واحتمال تيه في صحراء قاحلةٍ وضياعٍ، وهو أيضًا فرصة فضول وزيادة معرفة واحتمالية كشف منظومة دربٍ جديد، وهو مع كل ذلك وبحكم حدود الوعي قفصٍ جديد إلى حينٍ...  مفهوم خارجي يغلف آخر في داخله.

المعاناة من العيش في احتمالية كذب القفص، والمعاناة من تخيل شكل البديل لكذبة المفهوم والظاهر، والمعاناة من امكانية عدم القدرة أبدا على الخروج منه، تثير المواقف المريبة في عقل من يشاركك ذلك الحبس البهي لونا ما يجعل محاولة التخطيط للخروج كعمل وهدف يمثل مؤامرة تستبطن في الظاهر المدرك خرقاً للقارب المبحر في بحر الحياة أولا قبل أن تكون مجرد فضول خلق ثقب  في جدار القفص، جدار الخوف من المجهول أو هكذا ستُقرأ سطور هذه الأفعال. 
الهلع من مخاطر الغرق قد يدفع بمن يشاركك الحبس الزاهي في ظاهره الى منعك من استمرار المحاولة والخروج على قوانين ما داخل القفص وشفراته، جريمة تمرد بالنسبة له تستدعي عقوبة تتماهى وخطورة الفعل نفسه تبدأ في التقدير الاقل بحجر الفكرة ذاتها وقمعها قبل خروجها من دارها الهامسة.
عملية الخروج قد تكون مجرد عمل لدخول قفص آخر أكثر ضيقًا وأصعب فهمًا. القفص قد يكون داخل النفس ذاتها، وهي قد تكون مقيدة بقيود داخلية تمنع تحررها من قفصها الداخلي قبل الخارجي المتوهم. القفص الخارجي وضع من تجارب حياة سابقة وبمساعدة من وعي سابق متسلط ونافذ - هذا من المرجح بحكم سطوة قيوده التي لا ترحم ولا تسهّل تصور البديل الممكن. هو قفص خارجي بمعنى أنه من المصنوع ولكنه أستحال داخليا وتداخل مع النفس ذاتها وتلون بألوانها، وبالتالي فإن عملية التحرر ذاتها قد تكون وهماً لوهم وجود القفص ككيان قائم بحد ذاته تترتب علية ضرورة رسم البناء اولًا وتحديد معالمه قبل الشروع في فكرة هدم قواعده والخروج من بين حطامه.

 زكي مبارك

28‏/11‏/2011

سكون الماء

سكون الماء

كتاب الأكثر مبيعًا في سنة إصداره... كتاب إلى سلة المهملات...
 
في عهدتنا أربعة أبعاد... ومازال البحث جار عن ستة آخرين وأخيهم... هكذا يهمس علم اليوم...
 
الناس مقامات... من نطق هكذا كلام... وكتبه...
 
عقل مشتت بين زوايا رد الفعل... عقل بلا عقال...
 
الحياة كالماء... في سكونه أسونه...
 
الإسكندر عندما اتجه شرقاً... هل كان ينشد السعادة مثل رجل اليوم... أم كان خلف خطى شيء آخر يسير...
 
الفرق بين المنتصر والمهزوم... الأول يقلب الصفحة ويقول هل من مزيد والثاني يعيش في حرقة ماذا لو...
 
الموسيقى... حالة تلوين روحية... إحتفالًا بوعي الوجود...
 
الوعي... تجرد لبس الثياب...
 
العيش في المرآة... هكذا هو الوعي... ماذا إن كسرتها...
 
خيالك يحده خيالك...
 
كل غاية تُدرك تستحيل وسيلة...
 
لا تضحية من دون ثمن يراد قبضه، صراحة أو ضمنًا، إن آجلًا أو عاجلًا...


زكي مبارك

26‏/11‏/2011

حرب القيم

حرب القيم

منكسرة وحائرة وقفت الحاخامية اليهودية عاجزة أمام الصد الصحراوي لأكثر من ثلاثة آلاف سنة ...

حرب الدم... محرقة القيم... كان ولازال هدفهم ...

بعد أن سادت وتسيدت في بلد الشقر وملكت عقلهم اليوم ومن قبله قلبهم بصعود عدوها المتوهم فيما بينهم وانتقامه من شرهم... من دمهم...

تعود الساعة لتطرق الأبواب الشرقية ذاتها حاملة سفر الحداثة المسموم بمشموم الربيع الطروادي مخدرة ومبشرة...

هزيمة الروح غايتها... عقلها أولاً فالجسد... أن يختلط الشارب بالغوج في سُوَيداء قلب كاسرهم... أن يفسد دم إبن العاربة هازمهم...

زكي مبارك

06‏/11‏/2011

مجرى النهر

مجرى النهر
 
الليبرالي... يعتقد أن أصل الإنسان قوس قزح...
 
الديمقراطي... لا يستطيع العيش من دون عاصفة من التصفيق...
 
الرأسمالي... يرى أن حفنة من الدولارات كانت كنز أهل الكهف...
 
إن كنت ترى في نفسك بضاعة... عبداً... فستضع لنفسك ثمناً... حداً...

مجرى النهر تخط مستقبله الجاذبية...

القط... أسد أضاع الطريق...

الحداثة الأوروبية... المسيحية من دون المسيح...

الحكم العثماني... بنى الدولة الإسلامية وهدم حضارتها...

مات المهرج... عاش المهرج...

المرأة... كائن رقيق لن تشعر بنفسك تحترق في لهيب ناره...

العلم طائر جميل... لكنه لم يتعلم بعد كيف يطير...

رجال السياسة... أقوياء... وقعوا في شبك العنكبوت...

مركز الكرة يقع على سطحها؟! كفاكم غرورا...

متى طلب الرجل حق أن يكون رجلاً...

المرأة تبدأ بالكلام عندما ترهقها اللحظة...

السيد والعبد – الأول يجري خلف مصالحه والثاتي يجري معه...

كلنا نكذب عندما نلبس الثياب...

أن تكتب ليومك فأنت تكتب عن أمسك...

القوة السياسية العظمى نسبياً- لا يهمها شخص من يحكم الأقاليم، المهم أن يكون برجماتياً، يخضع لمنطق السيد والعبد ويتصرف على أساسه...

في الحرب النفسية... المعنويات ساحتها... إجعل منها طائرا محلقا لا يكشفه مجسها...

الإهانة المغلفة بالورد... أن لا يكون لعدوك خيار إلا أن يتعلم منك...

لا تقمع تلك الفقاعة... تلك الفكرة... دعها للتاريخ وحكمه...

مثقف الحداثة... لم الشارب والغوج...

الجمال سلاح لن تتخلى عنه طواعية أنثى استلذت بطعم الحكم...

منطق صراعهم الحضاري يتكلم... من الفوضى نخلق بذور هزيمتهم... نهزم فكرتهم...

زكي مبارك

09‏/10‏/2011

ملوك بني إسرائيل

ملوك بني إسرائيل

زكي مبارك

يقولون أن الأسلحة الفاسدة استحالت إلى حطام حديد... فضاعت فلسطين من جديد...

هكذا يواسون النفس المكسورة أمام مرآة الهزيمة... 

كذبوا وإن صدقوا فيما نطقت به ألسنتهم واستراحت له أرواحهم ...

يقولون لولا الغرب ما كانت إسرائيل من جديد... هل سألوا أنفسهم من سَخَّرَ الوحش الأشقر وطوعه لخدمة رجال يوشع بن نون وجميع إسرائيل في القرن العشرين...

في السبعة والأربعين وقفت رؤوس العرب في مواجهة حضارة أعادت بناء نفسها من تحت ركام السنين... حضارة سرت في عروقها دماء الحكم والملوك... رفضت الهزيمة بكبرياء لا تلحظه العين السارحة ولا يتوجس منه قلب انقطعت عنه دفقات العزة والشموخ... 

عبر قرونٍ طويلة أعادت بناء قلاعها في قلب أوروبا الجديدة... على قمة الهرم نصبوا أعينهم، وإلى الدرب المؤدي إليها ساروا، وبسلاح المعرفة الحقة والعلم المحلق تزودوا، وبخطى الواثق من الرؤية الواضحة تحركوا...

بالرغم من عار الهزيمة وسطوة روح الانتقام... بإصرار هادئ وثابت، من الصعاب بنوا عقل وروح رجلهم الجديد... ومن زاد تاريخهم ومؤونته تزودوا بمكر الملاحة في لج بحر المخاطر ...

لمحتهم أعين فاحصة، على خبايا النفس كاشفة، فيما هم يشقون الطريق نحو المجد من جديد... فتنبأت لهم أنهم في ذلك البلد لا محالة منتصرون ونحو غاية الريادة يسيرون...

رجل لم يذرف الدمع على ما ضاع من السنين... ارتقى بعلم وتسلح بهدف وكان إما أن يحكم في بلد الشقر أو إلى بلاد الأجداد الأولين يعود من جديد...

في عام الثمانية والأربعين من القرن العشرين هذا ما وقف أمامه رجل العرب النائم في المجد القديم... إثنان ثالثهما المنطق فيما بينهما يحكم... 

هل كنا حينها نعي ما معنى منطق القوة بماهيته الأرحب...

من وقف أمامنا تسلح بدم حكم وعقل ملوك، وعقيدة وجود راسخة، وعلم بصاحبه يحلق... لا ينقصكم الأول ولا الثانية فعليكم بالثالث...

هذا ما يقف أمامكم أيا أمة العرب منذ ذلك الحين... بيدكم وليس غيركم أن تغيروا ما بأنفسكم...بيدكم وليس غيركم أن تجعلوا ما هو آت من الزمن مددا لكم ووسيلة لشأن جديد...