كلنا نكذب عندما نلبس الثياب...
ليس لأننا نود فعل ذلك طوعاً ولكن لكي يمكننا تقبّل
أنفسنا أمام مرآتها الفاضحة... أن تكون واضحًا وصريحًا في كل لحظات يومك مع نفسك
ومن هم من حولك شيء مرهق لها وكذلك لك أنت من تمثلها في ساعة وعيك...في ساعة حضورك
أمام نفسك... أن نلبس الثياب هذا من اختصاصنا... من مقومات تكلفنا... من دواعي
حياتنا... أن نعطي المعني والشكل واللون لذلك الشعور الغريب الذي يداهمنا في لحظات
يومنا... ساعة وعينا... أن نسبق عليه هالة من القداسة المتمثلة في المعنى الذي يعي
لحظة وجود... سواء كان ذلك في جانب
التفضيل أو التحقير...
ألبسنا ذلك الشعور المؤلم والغير مرغوب به بلبوس الحزن
ولونه ولونا ذلك الجانب المفرح والمحبب بطقوس العيد والبهجة ثم وقفنا أمامه يملأنا
الغرور بفيضه ندور حوله وحول أنفسنا مختالين...
ما أحلى ذلك الثوب الجميل... الآن يمكنني الخروج به إلى الناس ليروه ويقيموه مثل
ما فعلت معه في ساعة الصمت والخلوة... نفعل ذلك في كل لحظة وساعة في وقت وعي وعينا
وسباته... حتى صار الأول لا معنى له من دون الثاني... طوال يوم حياتنا نلبس الثوب
ثم نرقب كيف كان وقعه علينا وعلى من هم حولنا... في حالة تقييم مستمرة في جوانب
الفعل ورد الفعل نضيء بريشته جوانب عالمنا...
معالم حواسنا... أو هكذا يخيل لنا... بعد أن يتجرد المعنى من ثوبه ماذا
تقوله لك صراحته... وقاحته... براءته...
هل يمكنك كتم سر ما رأيت... أم ستخرج علنا لتصدح بما
سمعت... وماذا إذا لم يصدّقك من سمع قولك وما نطقه به لسانك... بأي ثوب حينها إلى
دارك ستعود...
زكي مبارك