search

20‏/05‏/2013

العاطفة - قراءة في سطور صفحات ذاك الكتاب

العاطفة

قراءة في سطور صفحات ذاك الكتاب

مسودة

Sympathy - To understand someone is to be able to visualize his/her feelings, for security purposes!

ماذا نقرأ في محاولة استنساخ شعور الشخص القريب من دائرة وعينا وفعل نقله كالعدوى إلينا؟ محاولة لقراءة نوايا صاحبه؛ محاولة لاستشعار ملامح الخطوة التالية من صوبه؛ آلية دفاعية قارئة مفسرّة؟ مثلًا، في حالة حزن شخص ما دخل في دائر التأثير الخاصة بنا نشعر بالحزن يتلّبس وعينا وإن ارتبط ذلك بمحاولتنا لفهم أسباب حزنه من دون الرغبة بالتأثر بحالته الشعورية - البكاء الجماعي في التجمعات الدينية الجنائزية مثلًا؛  مثال آخر، المرأة وجهها يتصرف كالمرآة لما يدور حولها من مشاعر (حزن، خوف، فرح، ضيق، الخ) نوع من الترجمة السريعة لقول غريزة العاطفة الحاكمة في وجدانها - مُشاطرة وجدانيّة تلقائية؛ مثال آخر، الموسيقى كمحاكاة لمبهم الشعور الذي لم يجد لنفسه مفهومًا يجسّد كيانه، لها نفس التأثير على الأنفس وبالتالي الشعور الذي ترتسم ألوانه على جدران وعينا؛ بمعنى أن الموسيقى الحزينة ستصيبك بالحزن أو الضيق؛ أي أنك ستكون في حالة رد فعل لأمر فعلها. الموسيقى، الشعور الغير مفهوم، تتجاوز جُل دفاعات منطقنا وحالتنا اللحظية لتمسك بدفة قيادة مشاعرنا بالرغم من محاولة عدم تسليمنا الطوعي لهذا الأمر - الحل في عدم الاستماع للموسيقى و"فتنتها" عند البعض؛ ماذا عن الموسيقى الأعمّ والأشمل ياهذا؟!
من أسباب تجذّر عادة محاكاة مشاعر الآخر المقابل لنا حتى أصبحت غريزة تتحرك في بحر لا وعينا: تسلّط غريزة الخوف في وجدان الإنسان، الذي رأى نفسه في مرآتها وأدرك جهله الذي أودعه في ذاكرته الإنسانية، جعلت منه مجسًا حساسًا لمشاعر الآخرين إلى درجة عدم قدرته على صد أبواب مشاعره في وجهها، وترك المجال قسرًا لها لتدخل إلى داره لتلعب أناملها على أوتار أحاسيسه لتشكّل موسيقى شعورية تستحكم أنغامها في مخيلة وعيه، ولا وعيه كذلك! الآخر المقابل الذي نحاول قراءة خطواته قد يكون إنسانًا أو شيئا آخر تتحرك فيه الحياة أو نرى فيه معنى مرتبطًا بالحياة - غروب الشمس مثلًا! 
ذاكرة الخوف من ما هو غير مألوف والمجهول والغريب عزّز من استحكام هذه الغريزة في بنائنا الجيني، والفيزيولوجيّ والسيكولوجي . المعزوفة الداخلية امتدت سلطتها لترسم ألوان الشعور على تقاسيم الوجه الذي يحاول تفسير ما يجول في قلبه من بحر مشاعر متلاطمة أمواجه. الوجه البشري يكون هنا كموجة بحر تنتظر وجهتها القادمة أوامرها من تلك الرياح العاصفة في بحر لا وعينا، التي تحاول تفكيك طلاسم الشعور الغريب الذي ألمّ بمن وما هو أمامنا والبحث في ألوانه عن درجات الخطر والشر في مخفي نواياه - القدرة على قراءة الشعور يرتبط بغريزة البقاء! هذه المهارة الفريدة من نوعها في تقدمها لدى الإنسان - قراءة الأحاسيس والمشاعر وتلبّسها في داره جعلت منه وعيًا يمتد إحساسه وتتكثف مشاعره لقراءة إحساس ومشاعر الجماد من حوله! معتمدا في دواخله على خيال عدم وجود جماد بالمعنى المطلق للكلمة (؟) هذه المجسات الفريدة أدت إلى تمدد حاسة الإحساس والشعور لمحاولة قراءة مشاعر جماد مثل البحر والأفق الواسعة والجبال والسماء والغيوم وكل ما يحيط بنا من عالم وفي داخلنا أيضا. شعور يرتبط بالانشراح والسعادة في حضرة هذه المكونات! الخوف يدفعنا إلى الإستمتاع بالطبيعة(؟) عبر جعلنا نتصوّر وجود احساس دفين وأعمق في كل ما حولنا يختلف عن ما يظهر منه مباشرة أمامنا. من دون حاسة الخوف أو عادة الخوف ستصمت فينا موجات  الأحاسيس حتى نفقد الإحساس بالطبيعة نفسها والبهجة تجاهها مثلا.. (؟)
الخداع قرين الخوف.. ودال عليه! ذاك الباذخة قوته لن يطلبه في جُل  تصرفاته.. قوته تحرره من جُل القيود التي ترتبط سلاسلها بلون الخوف الذي يسكن قلوب جُل البشر. رد الفعل السريع المتمثل في الحساسية الزائدة للإدراك والتأثر بالفعل المقابل يعتمد على تطور مهارة الخداع التي تقف على منصة عميقة جذورها في الوجدان البشري - الخوف. هل لهذا عند المرأة الأنثى قدرة عالية على فهم مشاعر من حولها، وبالتالي القدرة على محاكاة شعورهم والتأثر به حزنا أو فرحا - فعل تشكلّت معالمه كنتيجة لخوف عميق يسكن دارها. الأنثى سيدة فن المحاكاة والذكاء العالي! ألهذا المرأة الأنثى أكثر شعورًا بالعطف تجاه الآخرين (خوفا منهم أو عليهم) وبالتالي هي المخلوق الأكثر عاطفية بين كل المخلوقات، لأن قلبها عن الأمان دومًا يبحث!

زكي مبارك