search

13‏/04‏/2013

مرآة النفس

مرآة النفس

لو نظرت إلى المرآة ستجد ظل نفسك، ولكن إن بحثت عميقًا في المرآة فلن تجد فيها ما رأيته على سطحها، وكأنك أصبحت تبحث في المكان الخطأ والزمان الخطأ! النفس تتحرك أمواجها بالشعور،
ولكن الأخير من الداخل ينبع ومن الخارج ينهمر، ذاك الذي يدفعك للتحرك أو السكون، ذاك الذي تسميه إرادتك!  ما أكتبه لك وتكتبه لي مثلًا يؤثر بدرجة في شعورك وشعوري ولو أتى من بعيد الزمان أو المكان. النفس هنا وكأنها امتداد بين خط الداخل وخط الخارج وليست مركزًا، وليست نقطة بحد ذاتها في حد ذاتها. من يجعلنا نفكّر فيه تمتد سلطة نفسه لتحرّك مشاعرها مشاعر أنفسنا، أن نشعر به، وبالتالي من أثّر في نفسه أيضا يؤثر من خلال خط الوسيط في أنفسنا. ليس غريبًا والأمر كذلك مثلًا أن تحرّك مشاعر أنفسنا نفس غادرت هذه الدار منذ أمد بعيد وإن لم نسمع بها أو نشاهدها. إن فهمت مغزى ما أقول، فلا مفر من القول أن الشعور قديم جدًا! الشعور أقدم من النفس. عندما أفكر بك أنا أشعر بك وعندما تفكّر بي أنت تشعر بي، بمعنى أن التفكير يؤثر في النفس شعورًا، بمعنى أن التفكير يرسم معالم النفس عبر لون الشعور الذي ندركه تفكيرًا أي وعيًا متذكّرًا مرتبطًا بجذور قد لا تكون واضحة المعالم والمصدر. أذن هناك علاقة وجودية بين التفكير والشعور، أي أن التفكير قديم قدم الشعور؛ التفكير أقدم من النفس. أذن من يبحث عن نفسه كمن يبحث عن الشعور، كمن يبحث عن التفكير. لا غرابة إذن أنه إن تعمّق بحثًا عن جذور التفكير سيصل إلى أرض لا ملمسًا ماديًا لها ولا مركزًا ثابتًا؛ أن يبتعد نحو الحدود الخارجية جدًا؛ أن يقترب من السطح الخارجي جدًا لشيء آخر!

زكي مبارك