الطريق الضّيق
هل سألت نفسك لماذا العلم الغربي الأوربي ينشر بشبه مجّانيّة ألوان أوراقه على جنبات الطرق العامة؟ والعلم الغربي الأوروبي، نقش صورة لصورة. الفكر.. المعتقد الغربي الحديث، والمعرفة الغربية الحديثة، يقفان على أرض رياضياتية، في جوهر بنائها. وهذا مسار حقيقة عالمهم إلى حين. والتفكير، ذاك الذي حضر حضوره! ما لم نتمكن من بناء أعمدة "العلم" على أرض جذور فهمنا لثقافتنا، نحن نحرث في بحر الرّقيّ؛ ولسبب ما نعتقد بغفلة أن "العلم" الغربي الحديث كيان يمكن دمجه في بناء ثقافتنا كما هو. نأخذه من دون تفحّص المرض القابع في قلبه! "العلم" كمنظار لرؤية أفق "العالم" لا يمكن اعتباره كيان محايد، أصم، بارد، بلا مشاعر! ماذ لو فهمنا الرياضيات في سياق المعنى التى كانت تدل عليه الكلمة في ديارها الأم - الرياضياتي بمعنى ما يمكن تعلّمه ويمكن تعليمه كوجهين لعملة واحدة؛ بمعنى التفكّر، بمداه الأوسع، وليس فقط الحساب والمعادلات الرياضية المرتبطة من خلال الحبل السري بالسببية كما تسري في جداول تلك الديار البعيدة (وليس حسب دائرة أمرها في دارنا، الغزالي مثلًا)، والتي بسببها حُجبت الرؤية عن رؤية أفق "العالم" الأكثر أتساعًا من "العالم الحديث"! وبالتالي الرياضياتي بهذا المفهوم الأشمل، الذي ضاع جل نبضه في فعل الترجمة ومعه مؤشر الفكرة الأولى، تحولّت كفكرة حديثة نسبيًا إلى ما هي معروفة عليه اليوم في دوائر "العلم" الحديث، ومتعارف عليه في وعينا "الحديث" الملّوث بالرؤية الأجنبية القاصرة كمعنى. من خلال هذه العين، هناك استطاعة أن ندقّق النظر في الطريق الضيق الذي فيه العلم الغربي "الحديث" حشر نفسه، ونعلم كُنْهه، كمقدمة لمشوار قادم طريقه، هذا إذا تمكن من التحرر من قيود ذاته، المتعاظم نمو لحمها وشحمها. عديدة ومثبتة الدلائل التي تشير إلى صحة هذا الأمر. والتفكير شعور؛ إرادة شعور - لون قوة!
زكي مبارك