ذاك الصنم الجديد
الدولة الحديثة.. صنم جديد. تسطيح الفهم من لزوم طقوسها، وقدسيّة اللحظة اللاهثة. وقود محركها قطيع عبيدها.
أن تسلب رحيق صفوة العقل المتوثّب في نشاطه لخدمة اليوم في جوانب معبدها؛ أن تجعل منه الأخصائي في علمه المتخصص أفقه، الماهر في ضيّق دروب صناعتها، المبدع لذهب ثروتها؛ أن يكون العقل التابع لأمرها، ولإغراء غوايتها القلب العاشق؛ أن تسقي طريقه قليلا من مخدرها المحفّز لإبتسامة زهوره الخادعة؛ أن تجعل ممن أصل داره عقل الحضارة خادم في دارها؛ أن تضع في يده تذكرة دخول قاعة شهرتها؛ أن تجعل منه قمة فوق خشبة مسرحها؛ أن يكون راعيًا لقطيعها! قليلٌ ذلك من أهدافها.
من في يمينه مَلَكَ مفاتيح مالها والفهم المحلّق معا، حاكم وقادم دمه معه، وإن خلف بريق دارها تتوارى ملامح ولايته. في يده سحر المتناقضين جَمَع والمتنافرين؛ سلطانه نظام حكم عالمي هو سيده.
زكي مبارك