تلك الدار السعيدة ألوانها
السعادة، من منظور الشعور كنظام، قد نجد لباحات قصورها
دروبا عبر بوابات مادية بحتة، أو روحانية أو
كليهما، وفي الوسطية إتاحة سبل امتداد لجّل الأبواب. هذا من جهة كونها نتاج ثانوي
لسعي وبحث مراوغ هدفه، ونتيجة جانبية للوسيلة الباحثة عن غايتها – مفهوم الأمل
في القادم من الفعل المأمول وترقّب حدوثه مثلًا.
والسعادة كتصّور وتجسّد مرغوب، وغواية جاذبة، تمثّل حالة حياتية
إرشادية لفك شفار حفظ النوع، مفاتيحها ليست مرتبطة بالضرورة برابط يدل على صحة أو
خطأ بواعث مسعى الفعل الغريزي، من منظور الفضيلة والقيم الحاكمة في فلك وعينا، في لحظة تسلّط أمرها في الوهلة الأولى الحاسمة. حالة
ابتهاج لا إرادي هي، قد لا تخضع لإرادة القبول بها كمفاتيح إرشاد، أو الصد عنها، من قبل صاحب الدار
التي استوطن محفزها قسرًا جوانب قلبه، وفي لون عاطفة الحب وحكم منطقها مثال.
وهي كشعور جميل سكن دارنا تعتبر نتيجة حالة ادراك متأخرة جدا على الفعل الغريزي
الذي بعثها من عمق متوار خلف ستار – الشعور التي صدحت ألوانه بالسعادة يمثّل هنا حالة رد فعل
تم رسم طيف لونه في جوانب النفس بتحالف داخلي والمحيط الحاكم الدافع إلى استمرار
الحياة البشرية التي وعت لوجودها، ولكنها لم تخرج من دائر الوجود في محيط رد الفعل المسيطرعليها – تأثير
سحر الجمال بكل ألوانه على إرادة وخيارات القلب والبصر مثلًا.
والبحث عن السعادة، ليس بالضرورة بحث في جوهره عن "الحقيقة"
أو "صدق النوايا" أو الوضوح أو الجواب، فالسعادة ككيان مدرك ومحسوس لا وجود لها
بحد ذاتها خارج أسوار الدار التي احتوت ألوانها، ولكنها كنواتج للون حياة نظرت إلى
إنعكاس صورتها في المرآة، تحتاج لتلك الدار المتسائلة والباحثة لتجسيد ألوان وجودها
في المرآة – المنطق كحل لسؤال البحث عن جواب منطقي مثلًا!.
وفي البحث عن السعادة بحد ذاتها من منظور كونها هدف
ويابسة وتقييد للمعنى، عاطفة تبحث عن الجمود.. عن الإستقرار، وهي هنا تمثّل حالة
ضعف وتصدع وتوق للسبات المخدر للأحاسيس الغير مرغوب بسماع ضجيج نغماتها، والجمود نقيض الحياة. حالة سبات نهايتها
معلومة إن وقفت لوحدها في المقدمة بعد ذهاب المؤثر "الملهم" - الإدمان بمفهومه الأعم والأشمل، المحبب منه والمذموم، وتأثير فعله النافذ في زوايا النفس البشرية كمثال.
زكي مبارك