العقول المستترة
لدي تصوّر يتبلور أن في عقلنا (الوعي واللاوعي) تعيش ألوان قوى تتنازع وتتنافس.. عقول تتصارع على سهم الحياة كل منها يريد الحصول على أكبر كمية من الاوكسجين. هذه العقول المستترة وبسبب صراعها مع بعضها يتولد في وعينا احساس القلق وعدم الأمان والتشتت خصوصا عندما نكون لوحدنا لفترة طويلة. في الوحدة يتاح لهذه العقول أن تتصارع بصورة غير مقيدة بقيود المجتمع المحيط بصاحبها. في وسط الجماعة وتحت سطوة المحيط الحاكم تزيد القيود على هذه العقول لتأخذ لنفسها لونا محددا يتقبله المجتمع. أن تتجسد في صورة يفهمها المحيط البيئي - مثلا عندما نكون مع من نتفاعل معه اجتماعيا فأننا نسمح أو نخضع لا إراديا لتسلط لون محدد من العقل - ذاك الذي يفهمه المتلقي الذي يشاركنا لحظتنا. هنا يقل الصراع الداخلي بين العقول المختلفة فينا وهذا يبعث فينا شعور الإرتياح والسعادة أو الطمأنينة. هذا قد يفسر سبب قلقنا الفطري من الوحدة حتى في لحظة أوج نضجنا. كل العقول المفكرة على مر العصور نزعت إلى الوحدة لفترة قصيرة أو طويلة مع نفسها. على قدر قدرتنا على تحمّل تبعات هذا الصراع الداخلي وعلى قدر قدرة نشاطنا على العمل الذهني وسط ضجيجه سينزع عقلنا إلى الوحدة.
زكي مبارك