search

17‏/05‏/2012

لحظة ممتدة - بعثرة كما هي


لحظة ممتدة - بعثرة كما هي

كيف لها أن تشعر بعمق.. كيف لها أن تتكلم بطلاقة في أول الصبا وهو تتلعثم خطوات حروفه. لعبتها الإعلان عن نفسها ثم الإنتظار.. شبكة صيد هي.. بها تصيد صيّادها. 

اللغة، همس الوعي هي، رسالة من اللاوعي!

أول الكلمات.. به.. باه.. مه.. ماه.. هل هي أول طلب؟ أول خوف؟

باه.. ماه.. آه..! (ألم؟).. الوعي يتمثّل لونه في رسالة إحتياج وخوف من ألم..

ها ها ها.. آه.. ضحكات.. نفث دخان ألم.. حزن.. أسميناه فرح؟ الضحك كرد فعل لوعي وجود ذواتنا..

نفس يتنفس .. الحروف نفس.. اللغة منظومة أنفاس.. اللغة ألوان عاطفة..

هل نخاف من رسائل أنفسنا.. من عاطفتنا.. من نارنا.. لأننا لم نفهم ألوان دارنا.. أسأنا قراءة همسات الرسالة؟

الوعي صفحة مكتوبة بخطوط العاطفة..

ترهقني هذه اللحظة بتحديق عينيها.. يبدأ القلب بالإنقباض ألمًا.. ضيقًا.. يبحث عن فرجة بعيدًا عن ضيق داره.. يبحث عن دائرة خارج قبضة مجهوله.. قلب يفتح بابه.. قلب يرقص فرحه على دقات ألمه..

لولا الأسود ما كان الأبيض؟ لما وجد الأبيض نفسه.. النور شعلة في بحر الظلام..

الوعي.. فرح في بحر مظلم.. بحر أسمه لاوعيه..

الوعي.. حياة أعلنت عن نفسها في بحر الموت..

الموت بحر.. والحياة شعلة تسبح على موجه..

الوحدة.. ألم..؟

الحياة فرح.. إيمان بالوجود.. هي رسالة من الوجود، والوجود كينونة..؟!

كل هذا الضجيج الصاخب.. رسالة؟ أن تخذله تخذل الحياة.. تكتم أنفاسها..

لا ديمقراطية في العقل.. في الوعي واللاوعي.. بل حرب.. الحرب هي الأساس.. هي البداية.. وهي النهاية.. هي كل شيء. في كل مكان حكمها يحكم.. سعيها يبسط وجوده.. علام الكذب على النفس.. هربًا من نفسها..؟ من خوفها..؟ علام الكذب..؟ الخديعة تعيش كذبتها.. تحاول سرقة اللحظة من بين يديها. الحرب حربا.. لا مساومة ولا سلام فيها.. الحياة حرب تبحث عن انتصارها.

الوعي نهاية حرب.. وبداية لحرب.. الوعي خروج إلى سطح الوجود.. العيش في سطح الوجود. الوجود عمق.. ظلام.. مجهول.. موت لونه. كل هذا الضجيج ولا تسمعها..! لا تسمع قلبها!

النوم راحة.. الدخول إلى الظلمة.. الدخول إلى المجهول.. العيش في اللاوعي.. العيش في دار الموت.. كل يوم نموت قليلا لنحيا.. نعيش من نقيض وجودنا!..

ما النوم؟ ما اللاوعي؟ ما الموت؟ ما الوجود؟ ما الكينونة.. ما المجهول نفسه؟

في الصباح طاقة تتفجر بعد راحة.. قوة تسير دربها.. الدرب يسير دربه.. الحياة تعيش حياتها.. برق يبرق نفسه.. قوة تخرج من نفسها.. تعلن عن وجودها.

الحياة لون من ألوان القوة.. القوة مجهول.. ما خلف المجهول؟!! القوة وجود.. ما خلف الوجود.. خلف كل شيء شيء..! أم أن اللغة وقف سقفها ها هنا.

هذه اللحظة ترهقني.. تأبى مغادرة لحظتها.. تأبى مغادرة داري.

التقدم لخطبة يدها.. طلب يركع لما يود ملكه!!
كيف لها أن تعيش في الجانب الآخر.. أن تطلب أن تكون مثله.. هذا نقيض لأمل الحياة.. المساواة.. نقيض لأمل الحياة.. تدخّل في شؤون حكمها.. ستسحق من تطاول غرور قلبه للعبث بدارها.. نار وعيدها.. حرب.. حرب.. حرب.. يقطع نبضات القلب الذي اختال على أرضها..

هذه اللحظة ترهقني.. تعبث في داري.. تحطم آمالي.. تعبث بعقلي.. ألم عميق يخط لونه على الورق. هذه اللحظة.. ألم يبحث عن فرح.. عن مخرج.. عن هروب إلى سطح الوجود.. الدخول إلى النور خوفًا من الموت.. إلى دائرة اللون.. إلى الحياة.. إلى العاطفة.. إلى الأمل.. والأمل خوف من الموت هو.. الحياة هروب من براثن يد الموت.. للحظة.. للحظة!!

هذه اللحظة تغرد طربًا.. تعالج ألمها.. تمتلأ برحيق فرحها..

لن تهرب من الهرب.. كيف لك أن تهرب من الحياة وهي هروب إلى الوجود.. كيف لك أن تهرب من الهروب.. أن تموت حيا..؟ هذا انتصار حطّم أعمدة دارك.. هزيمة سكنت قلبك.. أملًا مات ألمًا.. سكت نبضه.. وغادرت الحياة دهاليز أمره.. الحياة حرب.. حرب هي.. قاتل بشرف.. لا مهرب لك الآن من الحياة وهي الهرب ذاته.

هذا الخط يخط نفسه.. لا أعلم قادم سطره.. يمشي على الورق لنفسه.. أعجز عن مسك تقدم قلمه.. يجر نفسه.. قوة تنسكب ألوانها حبرًا.. دمًا.. نبضًا.. ما هذا!

الحياة ينسكب ماؤها على جدران الوعي.. على الورق.. وعي يرسم ذاته.. موسيقى  تتراقص طربا.. فرحا.. همًا يغادر همه.. حياة جميلة أنت.. جميلة أنت!! ما أجمل عذابك.. ما أجمل دارك.. ما أجمل شوقك..

يومًا سنغادر دارك.. للحظة نعيش شوقك.. ما ألذ طعمك وإن كان كالعلقم طعمه.. في مرارة طعمه لذته..

أتوقف محاولًا الهروب من قبضة اللحظة وهي تقبض بكل قوة على خطوات هروبي. تجرّني لبحرها.. أغوص في أعماقها..

أتنفس في عمق مائها.. أعيش هيامها..

هذه اللحظة ترهقني..

هل تملك من الجرأة أن تطلق سراح همس همسها..!!

عصفور جميل هي.. هذه الحياة جناح محلّق..

صوت دحرجة موج البحر.. همس دحرجة الموج هي

تخاطب دارك.. لا تكلّ إثارة السؤال.. الحياة لحظة..

في همسات البحر.. شهيق وزفير.. راحة متعب وجد ظالة الطريق.. هدوء يخفي عمقه العميق

حكمة.. تسير.. طبيعة تعيش.. موج البحر نفس من دار عمق شديد.. كل شيء في العمق يعيش.. السطح ما هو إلا خدعة تفسير.. العمق وجود.. والكينونة؟ لا أعلم ما هي.. اللاوعي مجهول لا يود الكشف عن نفسه.. لن يرى نفسه.. في المرآة فقط يعيش وعيه.. لن تدركه لذاته بل سترى انعكاس لونه على مرآته.. سطح هي.. المرآة خدعة كاذبة.. لون لا وجود له.. من دون صاحبه.. صاحبه خلف انعكاس المرآة يعيش؟.. يختبأ عن نفسه.. وعي لا يعي نفسه.. وجود لا يدرك وجوده؟.. هذه الكينونة التي أسمها "نفس".. أكثرها مجهول عميق.. بحر في الظلام يعيش..

هذه السطور تخط قلمها لوحده..يدي وعقلي ما هما إلا وسيلة لها..الحياة سيد يحكم والجسد أرضها والوعي قلمها..

ماهذا.. أصبحت لا أفهم نفسي!

هي تتكلم عني.. تحاول تفسير أمري.. هي اللحظة تحكم.. وأنا أنفذ سلطتها.. من دونها كيف لها أن تعيش.. سيد يعيش على أرض عبده.. فيه يجد لونه.

هذا الكلام اقرب إلى (...).. حفر في المجهول.. عمق يدخل نفسه.. يبحث عن نفسه في ظلمة أسمها النفس.

ساعديني أيتها اللحظة حتى أساعدك.. خذي بيدي حتى أفصح عن مكنون دارك.. واحد وإثنان معا!! هي كذلك الطبيعة.. وأنت وأنا نتشارك دارها منها وفيها.. فيها نعيش في ثنايا مجهولها.. قبل أن نرحل رحلتنا الأخيرة بعيدا عن دارها.. نغادر هذه الحياة الجميلة..
خذي بيدي حتى أفهم قصدك.. أرشديني إلى طريق لم أجده في سمائك التي مضى ليلها.. 
أرشديني إلى جادة الطريق.. إلى القول الفصيح.. إلى الفهم العظيم.. غردي في داري لحنك الجميل.. أشبعي قلبي من ماء حبك.. أيتها الجميلة الشقية.. أحبك من قلب قلبي..
شكرا لحسن إصغائك.. علي التوقف الآن.. أود بشدة مؤلمة ذلك ولكن لحظتك تأبى فك وثاق قلبي.. ما زالت تقبض على همه بقبضة من شديد..!!

 زكي مبارك