روابط
متداخلة
العلم الأولي لا يأتي
بأنظمة أفكارٍ أصيل جذرها مديد في عمره، في غالبية بحر مكتشفاته. هذا ليس مجال
سلطانه، بل هو مجال العقل المحلّق القديم في جذره. درجة عالية من الإحساس المرهف،
ومجال رؤية واسع باعه، والفهم المتداخل في غصون تفرعاته وعمق جذور امتداداته من خواصه،
وله من المخلب ما يقبض به على خبايا النفس وألوان أقنعتها وأدوات سلطان
حكمها في الوقت ذاته. العلم الأولي يأخذ صورة منطقية للفكرة الأصيل جذرها- يقوم بتشويه مفتعل.. قناع
إضافي، كالمرشح وظيفة فعله، يجعل من عملية إدراك التصور الجديد أقرب إلى يد
الذهن الذكي المتقد الذي يشرع بوضع لبنات بناء نظامي تدركه طائفة أكبر من الأذهان،
ممهدا بذلك إمكانية تطويره وتعزيز وضوح رسم صورته عبر خلق لغة تفاهم أقرب إلى
الشفرات النظامية والميكانيكية في منطقها - لغة المنطق والرياضيات مثلا. ذلك
المحلّق له أن يأخذ من الأول خام وقوده بما في حوزته من أجنح تعينه على الإرتفاع فوق
التصورات الميكانيكية، وربط تناقضاتها الظاهرة في دائرة فهم جديد لم يُدرك أو لم
يُتخيّل تصميم داخل نظامه أو لم ينطق بسره قلب قبل ساعة ولادته الجنينية الأولى.
العلوم الأولية تمثّل حالة تطبيق عملي أولي، ولكنها في الترتيب تأتي لاحقا - فترة حضانة للون الجديد. التطبيق العملي المحسوس،
يأتي لاحقا لذلك كقناع آخر.. الفكرة المحسوسة هنا ارتدت زاهي الثوب وخرجت به إلى الشمس تختال بطول قامتها أمام جمهور عريض يصفّق لإبداعها! ضجيج السوق وغروره الأجوف يأتي لاحقا..لاحقا!!
زكي مبارك