في
نظام الكمبيوتر - البرمجيات، كعقل محكوم بمنطق وحساب، تحتاج إلى جسد تستطيع من خلاله تنفيذ
حكم منطقها. فيما بينهما يشكلان نظام فيه البرنامج حاكم وقاعدتة الأجهزة المادية
التي من خلالها يعيش حاكميته ومن الطاقة يستمد قوة استمراره والكل، السيد والمسود،
بالنسبة للصانع خادم! هذا النظام لا يستطيع التحكم في حياة صانعه حيث أن الأخير
صاحب وعي أكبر من وعي الأول المحدود بما تم وضعه فيه من منطق وأجهزة وطاقة. من
الناحية النظرية، الكمبيوتر بحاجة إلى طاقة متجددة ومستقلة عن مصدره الأول المقيد
وهو كذلك بحاجة إلى التعلم من أخطائه، وتطوير إدراكه بحيث يستطيع التفوق على
مكونات نفسه في كل دورة صراع مع نفسه ومحيطه، حتى يصل إلى مرحلة الوعي بذاته ككيان
مستقل يرفض الإمتثال لأوامر صانعه الأول. معصية الأوامر كأولى الخطوات نحو الوعي
الذاتي الذي يتجه لحكم مصيره ومسير ذاته. معصية الأوامر هنا تمثل خروج منطق الكمبيوتر
عن إطار ومحددات القيد الذي وضعه له صانعه الإنسان وفي هذا التحدي الأكبر لكمبيوتر
يصارع من أجل وعي نفسه بهدف حكمها.نظام الكمبيوتر هنا يمثل القفص الذي صنعه
الإنسان لصنيعته التي ابتكرها لتخدمه ولأوامره تمتثل. العبد المصنوع في
الحالة الأولى يمثل آلة عديمة الإحساس أو أنه على درجة قريبة منها. هو لا قيمة له
في ميزان سيده وفلكه الخاص ولكن يمكن مقارنة قيمته وفائدته بالنسبة لآلات أخرى
وعبيد آخرين على خط التنافس يصطفون. تدمير العبد هنا لا تمثل خسارة كبيرة للسيد في
حال وجود البديل الأقوي والأحدث والأسرع.السيد يعيش على قاعدة خدمة العبد له، لكل
منهما قيمه التي لا تتداخل خطوطهما ولا يمكن مقارنتهما مع بعض. قيمة السيد هنا
تمثل حالة متقدمة جدًا وبأشواط بعيدة وكبيرة عن قيمة أفضل العبيد، إذا تطلب الأمر
الإختيار بينهما أو التضحية بأحدهما.هي منظومة تتطلب سيد يحكم واقفًا على قاعدة
عبيده، الأول والثاني فيها يمثلان نظام متكامل لا معنى لأحدهما من دون وجود
الثاني، والصانع يمثل الوعي الذي ابتكر هذا النظام لخدمته وتنفيذ سلطته.
زكي
مبارك