البحث عن أصول
القيم
ما الذي يجعل العقل الذكوري
يميل إلى ذلك الأنثوي والعكس... هل نحن نقف أمام نتيجة إنتخاب طبيعي تكاثري بحت
بدأ مع بدء المسيرة البشرية... أم هو نتيجة فعل متقدم على هذا التاريخ...
العقل الذكوري وذلك الأنثوي
يتكاثران ويتكاملان مشكلان من الوحدة قوة فيما العقل المتوحد أو ذلك الشاذ عن هذه
القاعدة ينحسر ويتقلص عدده حتى يصبح أقلية طبيعية ومجتمعية في فعل الإنتخاب
الطبيعي... في الحالة الأولى يشكل التكاثر أغلبية انتخابية في الديمقراطية
الطبيعية مما يترتب عليه وضع قيم... تشريعات... حياتية... ثقافية... تؤيد هذا
التوجه وتباركه وتسبغ عليه شرعية الفعل السوي والطبيعي... فيما حكم ويحكم التاريخ
البشري... وغيره الغير بشري على التوجه الآخر بالفعل اللاشرعي والغير طبيعي والشاذ
مما يؤدي إلى تجريم الفعل أمام محكمة الطبيعة والضمير... الخاضعة لمنطق القوة
الزاجرة متمثلاً هنا بمنطق الأغلبية الغالبة ضد الأقلية المندحرة...
العلم يقول بوجود كائنات
بدآئية آحادية الجنس مما يمكنها التكاثر من دون الحاجة للذكر والأنثى في جسمين
منفصلين... هذا المسار لم يلق القبول الشائع أمام هيئة حكم الطبيعة وبالتالي أصبح من
الأمور الشاذة والغريبة التي تأخذ مقعداً هامشيا في مسيرة الحياة على الأرض...
مما سبق قد تكون القيم
والثقافات التي تسود في يومنا هذا... في آلاف السنوات الماضية... على مستوى
العقل البشري وقبل ذلك على مستوى المخلوقات الأخرى ناتجة عن انتخاب طبيعي على ضوء
ما سبق من أمثلة... وبالتالي يمكن القول أن القيم السائدة في يومنا هذا هي نتيجة
صراع طبيعي على السيادة القيمية المرتبطة بالسيادة التكاثرية والكمية قبل
النوعية...
الإشكالية تنهض بنفسها عندما
يتعلق الأمر بالقيم السائدة اليوم على مستوى العقل البشري في ما يسمى اليوم
بالحضارات المتقدمة... حيث أن هذه القيم قد تؤدي في النهاية إلى خذلان صاحب
العقل البشري عبر دفعه إلى حافة هاوية التحلل والعدمية... أين يقع الخطأ؟...
زكي مبارك