الأستاذ الفاضل عبدالله العباسي،
تحية طيبة،
أعتقد أن بعض هذه الجمعيات مثل جماعة وعد، تريد خلط الأوراق في أسلوب يتسم بالانتهازية السافرة...هذه الجماعة بالذات – جماعة وعد - وبعد أن رفضها ولفظها المواطن البحريني في المحرق والمنامة في الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة، يبدو أنها تريد أن تعاقب المواطن البحريني العادي على رفضه لها.
ألا تلاحظ أخي مدى الاستهتار بأرواح الناس وأمنهم وسلامتهم من خلال طبيعة البيانات والمقالات التي احتواها موقعهم على الإنترنت خلال فترة الفوضى الأخيرة. كان هناك تجاهل شبه تام لحقوق الناس والمواطنين في الأمن والأمان والسلامة من الخطر، وكان جل ما تجده على موقعهم وفي بياناتهم هو محاولة عرجاء للدفاع عن المخربين والتخفيف من خطورة ما يقومون به تجاه الناس الأبرياء.
مثلا، قبل أيام كان يمكن أن تحدث مأساة مريعة في احد مطاعم البحرين... كان يمكن أن يتسبب مثيرو الشغب بحرق وقتل العشرات من المواطنين والمقيمين الذين ذهبوا مع أطفالهم لأكل وجبة العشاء في ذلك المطعم، حيث تفاجئ الناس الأبرياء بسقوط قنابل حارقة على محيط المطعم...
تصور يا أخي أنه في اليوم التالي تجاهلت جماعة وعد كل هذا وتكلمت فقط عن حقوق مثيري الشغب عبر بيان ما يسمى بالجمعية البحرينية لحقوق الإنسان الذي نشر على موقعهم.
تحياتي
زكي مبارك
--------------------------------------------------------------
مدى واقعية بيان الجمعيات
العوســـج
عبد الله العباسي
أصدرت الجمعيات الخمس بياناً تتقدمها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وتابعتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي التي عودت المواطن البحريني أن تبصم موافقة على كل ما تريده جمعية الوفاق، ثم تبعتها جمعية المنبر التقدمي فجمعية التجمع القومي وجمعية الإخاء الوطني.
تساءلت وأنا أتابع هذه الجمعيات وساورني الشك أن تمثل موافقتها على البيان تعكس آراء كل أعضاء هذه الجمعيات، فمعظم أبناء البحرين يتوزعون على العديد من هذه الجمعيات لكني أتحدى قيادتها أن تمثل آراء الأعضاء جميعاً، إذ إن هناك عناصر بلغت من النضج والوعي بحيث أصبحت تدرك جيداً أن هذه الاستفزازت التي يقوم بها بعض الناس الذي يحددون المناسبة والعنوان لخروجهم ماهم إلا عناصر مُسيرة من أجل حاجه في نفس يعقوب.
لهذا فإن ما يقوم به البعض من القيام بأعمال الشغب يختلقون المناسبة سواء جاء ذلك تحت عنوان يوم الشهداء أو يوم الاستقلال أو يوم التحرير، لأن هذه المناسبات وعناوينها يخلقها بعض القيادات السياسية كما يشتهون لتحريك الشارع دون أي مبرر.
عموماً فقد اختلطت الجمعيات التي تشبثت بعروبة البحرين بالجمعيات التي تناست مثل هذا الحس ورمت به في بحر الخليج خصوصاً بعد التغييرات التي حدثت في القوى الإقليمية، ومن يتناسى عروبتها ليس من المستبعد أن يتنصل عن كل حس وطني، فالعروبة ليست مجرد لغة ولو لم يكن كذلك لما قال قائد جمعية التجمع القومي المغفور له صدام حسين حين واجه مقاومة شرسة من المناطق العربية في إيران بأنهم مجرد عرب لسان.
والبيان خلط الحق بالباطل ولم يكن محايداً، ويبدو إن هذه الجمعيات قد تعودت أن تجامل جمعية الوفاق، وبدل أن تقول لها إننا نؤمن بأن هناك كثيراً من الطموحات التي لم تحقق للمواطنين إلا أن هناك محاولة جادة للتغلب عليها، ولو كانوا منصفين في تقييمهم مما لا يبرر الخروج بمناسبة وغير مناسبة في مرحلة تقف فيها المنطقة على كف عفريت غير عربي تريد من خلالها خلق مثل هذه التوترات لغرض بيع أسلحة على حكومات الخليج نحن لسنا بحاجة لها.
ألم تتساءل قيادات هذه الجمعيات لماذا تمر البلاد هذه الأيام بأوضاع مؤسفة وتفاعلات تنذر بجر البلاد إلى خانة المشكلة الأمنية التي عملنا طويلاً للخروج منها؟ من يريد جر البلاد إلى هذه الحالة؟
هل أجهزة الأمن هي التي تحاول أن تستفز المواطنين باختلاق قضايا ليتم اعتقال عدد ممن تريد أو جهات معينة هي التي تحرك الشارع وتستنفر أجهزة الأمن؟
في البحرين عشرات الجمعيات، فلماذا هذه الجمعيات الخمس فقط هي التي وقعت وهو بهذا المقياس لا يساوي أكثر من 3٪ من مجموع الجمعيات المعترف بها.
ثم إن هناك جمعيات سياسية معروفة لها شعبيتها وقواعدها لكنها لم توقع، ألا يعني أن جمعية مثل الوسط العربي الإسلامي لم توقع بل لم يعرض عليها ذلك على الإطلاق، وبالتالي فإن هذه الجمعيات التي بصمت موافقة على رغبة بعض السياسيين معظمها بلا قواعد شعبية ولا تمثل الرأي العام البحريني.
إن تحميل الحكومة وحدها المسؤولية يعني أن هذه الجمعيات تغالط نفسها حين تقول (العمل على تجنب العنف من أي طرف وتحت أي ظروف) ثم تخلط الأوراق مرة أخرى وهي تتحدث عن ضرورة الالتزام بالنظام والقانون وتجنب الدخول في مواجهة مع رجال الأمن، ثم هل من يدعو الحكومة إلى تنشيط الحوار السياسي لخلق الحلول المناسبة السريعة للمشاكل التي تعاني منها البلاد يوافق على تحريك الشارع بمناسبة وغير مناسبة؟ وهل الاستفزاز من أدوات هذا الحوار؟ ألم تتفق الجمعيات منذ البداية باختيار الطريق السلمي لمواجهة الحكومة؟، فلماذا تريد العودة لمربع التسعينات في المواجهة؟ هل الطريق للحل السياسي هو دفع بعض السياسيين الضحايا البريئة للمواجهة؟ إليس هناك نظام قادرعلى السيطرة على الموقف خلال ساعات لجر هؤلاء للاستجواب؟.
إن حرق البلاد ليس هو الحوار الصحيح مع القيادة بل الإقناع مع قيادة جديدة آلت على نفسها أن تسارع بالتكفير عن الماضي.
الوطن 25 ديسمبر، 2007