التقنية
كوجود لم يعي نفسه
التقنية كوجود
لم يعي نفسه.. كإبداع بين يدي البشر.. بدأ منطقها يأخذ حيزا تتزياد مساحة أرضه في الوعي
الجمعي البشري، ولا يمكن حصر مدى تغلغل موج بحره في جوانب الوعي البشري المخفي غالب أمره في اللاوعي.
هذا المد المادي يتمثل في واحدة من تجلياته الأولية، الدالة على مسار المسعى، عبر استحواذ التقنية على هامش لون سيادة يتشكل في إيمان الإنسان نفسه بمنطقية منطقها المادي كبوصلة لمعرفة معالم قادم الطريق ورسمه،
والذي من سمات العمل به كمثال، السعي نحو نمطية تتيح إمكانية قياسها وإثباتها بأدوات العلم المادي كمنهج لدراسة مسالة الإنسان كحالة علمية مادية تحتمل قوانين المنطق والقياس
المادي البحت، ولك في مذهب البيولوجيا العصبية والهيستيريا المصاحبة له مثال حي على هذا المسعى. يمكن رؤية معالم متفرقة
هنا وهناك لمحاولات بدائية مبعثرة ولكنها تحمل سمات متجانسة لأدوات تستعير من فعل
الماكنة، اسلوب الحياة الآلية في منطقها، لتسيير حياة بني البشر في جوانب غير مترابطة ولكنها تسعى لردم هذه الهوة الفاصلة بين الإنسان كدم والإنسان كمنطق. هنا تبدو التقنية وكأنها تحاول
استبدال الأدوار وعكس المواقع بينها وبين من ابتكرها على يد من أوجدها!. التنميط والتلقائية
الميكانيكية والتصور الخاضع لمنطق الحساب البارد والمقبول فعله في دائرة العبد المادي الخادم للبشرية، يتم جره كمنظومة إدراك إلى ساحة تفسير حالة
الإنسان من قبل الإنسان نفسه - من قبل من يمسك بأنف الحضارة الإنسانية اليوم ليجرها معه إلى مجتمع تقني عدمي في ماديته! يبدأ مسيره الجديد عبر محاولة فهم جوانب نفسه من خلال تصوّر وجود منطق ميكانيكي
يستطيع أن يحيط بجوانب دار قلبه النابض. هذا الفعل يحمل بين صفحات ألوانه نوع من الخضوع لعبد آلي بدأ يتصرف في بعض
فعله بنوع من الإستقلالية، الغير مدركة لفعلها، مبتعدا عن حواجز سيده والتمرد على
موانع فعل كان في الماض القريب من ضرب الخيال مجرد التفكير في مس أمرها.
زكي مبارك