search

06‏/02‏/2012

خلف الستار وأمامه - الجسد البشري

خلف الستار وأمامه - الجسد البشري
الجسد الحي الواعي لظاهرة وجوده كنفس تدرك أمرها في اطار الحياة، يمثل من وجهة التكوين الفسيولوجي أداة متقدمة في سلّم القوة، تلبس ثوب السيد والمسود، وعلى أساس منطقه تتكلم، كل جزء منه يخضع لكله في لحظات حياته كنظام يعيش حالة سيادة نسبية وخضوع نسبي متكاملة ومتبادلة الأدوار، من أجل بلوغ هدفه - قوة تتسلط من أجل دفع مقام قوتها ورفعه.
الحياة كتعبير عن حالة تَصوّر، وظاهرة تُفسّر الوجود من منظورها، تعود إلى أصلها لحظة طي صفحتها، لحظة تحررها من لغز غموض تفسيرها وحدود تصوره.
نحن في الأساس إحدى تجليات قوة، تمثّلت في رسم الحياة، كتعبير عن قوة وعت ظاهرة وجودها، وموت الجسد الحي يمثل فناء ممثل لدرجة من لونها، وغياب أثره وانمحاق أثره بين صفحات الموت، يدركها ويتصورها وعينا الشاهد على حدوثه، ولكنه في جوهر الأمر ليس كيان منفصل ومنقطع عن مصدر الحياة نفسها ولا يمثل بالضرورة ذهاب نوعه أو فناء مصدره الأساس. الحياة تنشد استمرار طيف لونها كقوة تعلن عن نفسها وليس بالضرورة لإثبات تميزها عن الموت المغيب وجوده في قوة ندرك تفسير لها ولاندركها يقينا. الأمل متمثلا في استمرارية شعلة الحياة هو هدف سعيها... أما بريق وهجها فتحترق لحظته بين ساعة مهده ومحطة رجوعه إلى أصله، وهو وسيلة لغاية الاستمرارية، وحجر بناء في صف بنائها، تتلاشى الحاجة له بعد تعزيز احتمال وجود وريث له وبدء مسيرةغيابه .
الحياة كإحدى تجليات القوة والموت شيئ واحد... ظاهرتان في مرآة وعينا لتفسير مراحل وجود يعيها
، تفسّران له لحظة وجوده وادراكه لحتمية مغادرته - هي لغة وترميزفي الأساس في إطار الوجود وكينونته المُغيَّب غالب تفاصيله خلف ستار. في هذا يتساوى لوني الحياة والموت في باطن ظاهرة اختلافهما.

زكي مبارك